مختارات من نوادر « روضة الكافي » للكليني - صفحه 324

« ومَن أَظلَمُ عِندَ اللّه ِ مِمَّنِ استَسَبَّ للّه ِ وَلِأولياءِ اللّه ِ »

من وصية للإمام الصادق عليه السلام في التحمّل والامتناع عن السبّ ، قوله :
إيّاكم وسبَّ أعداء اللّه ؛ حيث يسمعونكم فيسبّوا اللّه عدوا بغير علم ، وقد ينبغي لكم أن تعلموا حدّ سبّهم للّه كيف هو ؟ أنّه من سبّ أولياء اللّه فقد انتهك سبّ اللّه ، ومن أظلم عند اللّه ممّن استَسبّ للّه ولأولياء اللّه . . .۱.
السبّ : الشتم والقطع والطعن ، والتسابّ : التشاتم والتقاطع ، وتسابّا : تقاطعا ، ورجل سُبّة : يسبّه الناس كثيرا ، وسُبَبَة : يسبّ الناس كثيرا ۲ ، واستُبّوا : إذا سبّ بعضهم بعضا ، واستسبّ : طلب المسبّة وبادر إليها . وفي الحديث :
سباب المسلم فُسوق » ، ومنه أيضا : « لا تَدعُ والدك باسمه ، ولا تستسبّ له ، أي لا تعرّضه للسبّ وتجرّه إليه ، بأن تسبّ أبا غيرك فيُسبّ أباك مجازاةً لك۳.
وبينهم أُسبوبة وأسابيب يتسابّون بها ؛ أي شيء يتشاتمون به ۴ .
وصيّة الإمام عليه السلام بالامتناع عن طلب المسبّة والمبادرة إلى مسابّة أعداء اللّه ، ومن يبادر ويُسمِع أعداء اللّه المسبّة ، فلا أظلم منه .
وفي القرآن الكريم : «وَلَا تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوَا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَ لِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ»۵ . والآية تريد الارتفاع بالآداب في المجتمع ومنع تحكّم العصبيّة للرأي بالانزلاق إلى التسابّ بذكر القبيح الشنيع للإهانة ۶ ؛ لأنّ الإنسان مجبول للدفاع عمّا يعتقد ، ففي الآية صون كرامة مقدّسات المجتمع الديني من أن يندفع المخالف في ردّ المسبّة ، والمنع عامّ فيها ، إذ جاء بنفي المسبّة «وَلَا تَسُبُّواْ» ، أمّا في الوصيّة فالتشديد على من يتمادى بأن يطلب المسبّة ويبادر إليها ، وأُريد بـ« من » الاستفهامية معنى النفي ، أي ليس هناك أظلم ممّن استسبّ للّه ولأوليائه .

1.الكافي : ج ۸ ص ۵۹۸ .

2.انظر : مقاييس اللغة : ج ۳ ص ۶۳ .

3.لسان العرب : ج ۳ ص ۳۵ .

4.المصدر السابق : ص ۳۸ .

5.الأنعام : ۱۰۸ .

6.اُنظر : الميزان في تفسير القرآن : ج ۷ ص ۲۷۵ .

صفحه از 338