113
شرح دعاء أبي حمزة الثمالي

شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
112

۰.يا رَبِّ ، هذا مَقامُ مَن لاذَ بِكَ ، وَاستَجارَ بِكَرَمِكَ ، وألِفَ إحسانَكَ ونِعَمَكَ «142 »وأنتَ الجَوادُ الَّذي لا يَضيقُ عَفوُكَ ، ولا يَنقُصُ فَضلُكَ ، ولا تَقِلُّ رَحمَتُكَ «143 »وقَد تَوَثَّقنا مِنكَ بِالصَّفحِ القَديمِ ، وَالفَضلِ العَظيمِ ، وَالرَّحمَةِ الواسِعَةِ «144 »

«يا ربّ» أي يا سيّدي ومدبّر أُموري (كما مرّ سابقا).
«هذا» إشارة إلى ما هو عليه السلام عليه من حال الابتهال والتضرّع والمسألة ، «مقام» اسم مكان ، «من لاذ بك» من لاذ يلوذ لوذا ، أي التجأ ، قال الخليل : «اللوذ مصدر لاذ يلوذ لوذا ، واللياذ مصدر الملاوذة ، وهو أن يستتر بشيء مخافة أن تراه وتأخذه... والملاذ : الملجأ ، ۱ من لجأ إلى الحصن وغيره... لاذ إليه واعتصم به وتلجّأ إلى فلان ، أي استند إليه والتجأ إليه التجاءً : لاذ واعتصم به.
«واستجار بكرمك» أي طلب الجوار ، والاسم الجواد بالضمّ ، استجار من فلان استجارةً : سأله أن يجيره منه ويعيذه ، ومنه القرآن الكريم : «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ » ، ۲ وقال تعالى : «وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ » ، ۳ وقال سبحانه : «وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ » ، ۴ وقال عزّ شأنه : «قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللّه ِ أَحَدٌ » ، ۵ والمراد : استعاذ وطلب الجوار والإغاثة والأمان ، «بكرمك» استشفاع بصفة الكرم منه تعالى ، أي استجار به لأنّه كريم .
«وألف إحسانك ونعمك» ألفه ألفا : أنس به ، والاسم الأُلفة ، وألف المكان : تعوّده واستأنس به . أي هذا مقام من تعوّد إحسانك ونعمك واستأنس به ، أي مازلتُ محفوفا بنعمك ومأنوسا بها.
«وأنت الجواد الذي لا يضيق عفوك» الجواد : المتكرّم السخي ، أي بالغت في الجود ، «حتّى لا يضيق عليك العفو» ، وفي الدعاء : «امتلأت بفيض جودك أوعية الطلبات» ، ۶ و«سبحانك من... جواد ما أوسعك» ، و«أنت الجواد الكريم» ، ۷ والمراد هنا إنّك جواد لا حدّ لجودك للسائلين.
«ولا ينقص فضلك» الفضل : الإحسان والابتداء به من دون علّة ، يعني أنّ جودك وإعطاءك في جواب المسألة ، لا ينقص إحسانك المبتدئ والإنعام.
«ولا تقلّ رحمتك» أي لا تنتهي رحمتك على عبادك بسبب العطاء والإنعام ، وبسبب كثرة المراجعين ، وإلحاح الملحّين وإصرار العاصين.
«وقد توثّقنا منك بالفتح القديم» من توثّق من الشيء ، أي أخذ منه بالوثاقة ، أي أخذنا منك بالوثاقة وهو الصفح القديم ، أي بسبب الصفح القديم كأنّنا أخذنا العهد منك على الصفح والعفو ، والصفح : الإعراض ، وهنا المراد الإعراض عن المؤاخذة والعقاب ، «والفضل العظيم والرحمة الواسعة».
هذا كلّه إذا كان عن حقيقة وصدق لالقلقة لسان ، إذ اللواذ باللّه عن صدق هو التوحيد الصحيح ، فلا يلائم مع العقائد الباطلة ، والاطمئنان بالوسائل والأسباب والانقطاع إليها ، كما لا يلائم مع الرذائل والمعاصي ، إذ من لاذ بأحد لا يخالفه ولا يضادّه ، لا يرتكب خلاف إرادته وميله.

1.العين : ج ۸ ص ۱۹۹ .

2.التوبة : ۶ .

3.الأحقاف : ۳۱ .

4.المؤمنون : ۸۸ .

5.الجن : ۲۱ .

6.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۴۶ .

7.الصحيفة السجّادية : الدعاء ۳ .

  • نام منبع :
    شرح دعاء أبي حمزة الثمالي
    سایر پدیدآورندگان :
    هوشمند، مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 329885
صفحه از 464
پرینت  ارسال به