225
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

يكوّنه وهم ذرّ ، وعلم من يجاهد ممّن لا يجاهد ، كما علم أنّه يميت خلقه قبل أن يميتهم ، ولم يرهم موتى وهم أحياء» . ۱
وفي شرح الفاضل الصالح :
قال جماعة منهم صاحب الكشّاف : إنّ قوله «ألستُ بربّكم قالوا بلى شهدنا» من باب التمثيل والتخييل ، ومعنى ذلك أنّه نصب لهم الأدلّة على ربوبيّته ووحدانيّته ، وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التي ركّبها فيهم ، وجعلها مميّزة بين الضلالة والهدى ، فكأنّه أشهدهم على أنفسهم وقرّرهم ، وقال لهم : ألستُ بربّكم ، وكأنّهم قالوا : بلى أنت ربّنا شهدنا على أنفسنا وأقررنا بوحدانيّتك . وباب التمثيل واسع في كلام اللّه ورسوله وكلام العرب .
وقال بعضهم : إنّ الذرّيّة تعود إلى إحاطة اللوح المحفوظ بما يكون من وجود هذا النوع بأشخاصه ، وانتفاضه بذلك عن قلم القضاء الإلهي ، ونزّل بتمكين بني آدم من العلم بربوبيّته بنصب الدلائل والاستعداد فيهم ، وتمكينهم من معرفتها والإقرار بها منزلةَ الإشهاد والاعتراف تمثيلاً وتخييلاً ، لا إخراج ، ولا إشهاد ، ولا قول ، ولا إقرار ثمّةَ حقيقةً . ۲ انتهى .

[باب كون المؤمن في صلب الكافر]

قوله : (أشفقتُ من دعوة أبي عبد اللّه عليه السلام على يقطين) . [ح ۲ / ۱۴۷۲]
ذكر الشيخ ـ قدّس اللّه روحه ـ في الفهرست أنّ يقطين كان متشيّعا يقول بالإمامة ۳ ، وعلى هذا فدعاؤه عليه السلام عليه كان من جهة أنّه تولّى عمل بني العبّاس بغير إذن من الإمام عليه السلام ، بل لرغبته إلى الدنيا وحطامها وعدم تمالك نفسه ، وابنهُ عليّ وإن كان من عمّالهم أيضا إلّا أنّه كان بأمره عليه السلام .

1.شرح اُصول الكافي للمازندراني ، ج ۸ ، ص ۱۷ .

2.شرح اُصول الكافي للمازندراني ، ج ۸ ، ص ۱۸، مع اختلاف يسير.

3.الفهرست ، ص ۹۱ ، رقم ۳۷۸ .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
224

وهو أنّ اللّه تعالى أخرج في عالم الظلال ممكناتٍ سيوجدون في هذا العالم، ويشتهرون باسم الإنسان ، وسمّي طائفة منهم بني آدم ، وطائفة اُخرى ذرّيّتهم المخرجة من ظهورهم ، مع أنّ الخروج من الظهور غير مختصّ بالطائفة الثانية . ولعلّ ذلك للإشعار بأنّ المراد بالمخرج منهم الذين يموتون بعد أن استوفوا شرائط التكليف وتوجّه التكليف إليهم ، وبالمخرج الذين يموتون قبل أن يبلغوا حدّ صلاحية التكليف من الأطفال ، ثمّ أشهدهم ، أي المخرج والمخرج منهم ، على أنفسهم بعدما أراهم في ذلك العالم آثار ربوبيّته على التعيّن المثالي ، وأعطاهم قوّة المعرفة والاعتبار قائلاً على سبيل الاستفهام التقريري ألستُ بربّكم ، قالوا بلى شهدنا أنّك عرّفتنا نفسك وصدقنا نبيّك .
ثمّ أخبر سبحانه بأنّي فعلت ما فعلت من الإخراج والإشهاد والإعطاء كراهةَ أن يقولوا يوم القيامة ، أي يقول من في عرضته أن يقول منهم ـ وهم المستضعفون من المشركين ذوو العاهات النفسيّة ، أو البدنيّة ، وذووا الابتلاء بتدبير المعاش لأنفسهم ، ولمن وجب عليهم نفقته ـ : إنّا كنّا عن هذا غافلين ، أي عن أن نشاهد بنظر الاعتبار فيما في الآفاق والأنفس من غرائب الآثار الدالّة على نفي الشرك ، أو يقولوا ، أي يقول من في عرضة أن يقول منهم ـ وهم ذرّيّات المشركين الميّتون قبل بلوغ حدّ التكليف ـ : «إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُك من قبل وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ» من آبائنا ، أي الجاؤون بالباطل بأن تلحقنا بهم ، وتحشرنا في زمرتهم .
في القاموس : «الباطل : ضدّ الحقّ . وأبطل : جاء به» . ۱
ثمّ نقول : يمكن أن يكون الذرّ والذرّيّة ، وجميع المذكورات كنايةً عن التعيّنات العلميّة والمقالات الحاليّة ، كما يؤمي إليه ما نقله الفاضل المحقّق صاحب البحار عن العيّاشي عن داود الرقّي ، قال : سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلَّ : «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ»۲
، قال : «إنّ اللّه أعلمُ بما هو مكوّنه قبل أن

1.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۳۵ (بطل) .

2.آل عمران (۳) : ۱۴۲ .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 61835
صفحه از 688
پرینت  ارسال به