يستفاد منه أنّ هذا اللقب له عليه السلام كان منقولاً عن فعل للمتكلّم وحده و«المؤمنين» مفعوله ، فهو من باب تأبّط شرّا يؤذن عن الأصل .
فإن قلت: الجملة إذا جعلت علما يتلفّظ بها على سبيل الحكاية ، وإعرابها محلّي، وأمير المؤمنين يجري في الجزء الأوّل الإعرابُ .
قلت: بقاء المركّب ـ الذي جعل علما ـ على ما كان علّته صيرورة آخر الجزء كسائر الأجزاء الواقع في الوسط في كونه باقيا على هيئته غير متغيّر ، وعليه هذه العلّة اعتباري أكثري ليست بواجبة الاطّراد ؛ ألاترى تخلّفها في التركيب الإضافي الذي جعل علما كعبد اللّه ؛ فظهر أنّ المناط الاستعمال ، فما يُنكر أن يكون بعض الأعلام المنقولة عن الجملة مستعملاً استعمالَ تأبّط شرّا ، وبعضها مستعملاً استعمالَ عبد اللّه ، وقد ثبت بكلام الإمام عليه السلام أنّ أمير المؤمنين منقول عن الجملة ، والاستعمال جار على إعراب الجزء الأوّل ، فهو من البعض الثاني .
باب فيه نُكَتٌ ونُتفٌ من التنزيل في الولاية
قبل ذكر الآيات نمهّد مقدّمة نافعة في فهم جميع الأخبار المذكورة في هذا الباب:
اعلم أنّ اللّه تعالى خلق لجوده الذاتي خلقا ليتلذّذوا بمشاهدة حسنه وبهائه في مرآة العالم ، ويهتدوا لنوره وضيائه في مشكاة (نظم) :
من نكردم خلق۱تا سودى كنمبلكه تا بر بندگان جودى كنم۲
وهذا النوع من الخلق هو المسمّى عند أهل التحقيق بالطينات الطيّبة ، أي المقدورات الخاصّة الشريفة التي لها من جهة خصوصيّاتها الذاتيّة ـ التي بها امتازت عمّا عداها من المقدورات ـ ميلٌ ذاتي إلى الخير ، ويطلق عليها المهيّات أيضا ؛ لصحّة أن يسأل عن كلّ واحدة منها ماهي؟ ولمّا لم يكن في مرتبة مقدوريّتها ومعلوميّتها ـ ممّا يصحّ أن يقع منها في الخارج ـ ما يعدّ العقل من آثارها ، جعلها اللّه تعالى بحالة يصحّ