وبالجملة : لا يشمل قوله عليه السلام : «إنّ الرجل ليحبّكم» محبّةَ غير المستضعف لأهل الحقّ بزعم أنّهم على مذهبه ، سواء كان منشأ المحبّة هو كونهم على مذهبه ، أو أمرٌ آخر، كيف وهو على هذا محبّ لمذهبه الباطل ، لا لهم ، ولهذا لو ظهر أنّهم مخالفون له لانقلب المحبّة بالبغض ؛ هذا هو الكلام في المحبّ .
وأمّا المبغض ، فهو مستوجب لدخول النار ، سواءً كان من النواصب ووجهه ظاهر، أو غير النواصب ؛ إذ غاية ما يمكن أن يوجد في شيعة آل محمّد عليهم السلام الأخلاقُ الرديّة ، والأعمال الغير المرضيّة ، وهي لا توجب البغض والبراءة اللذين اختصّ بهما المخالفون ؛ هكذا ينبغي أن يُفهم هذا المقام .
باب ذمّ الدنيا والزهد فيها
قوله : (حتّى لا يبالي من أكل الدنيا) .] ح ۲ / ۱۸۹۴ ]
في النهاية : «يُقال: ما باليته وما باليت به ، أي لم أكترث به» . ۱
وفي تاج المصادر للفاضل البيهقي : «مبالات : باك داشتن ؛ يتعدّى بنفسها وبالباء وبمن » انتهى .
أقول : كلمة «من» هذه يُحتمل أن تكون بكسر الميم ، فيكون استعمال «يبالي» من القسم الثالث الذي ذكره البيهقي ، ويُحتمل أن تكون بفتحها ، فيكون من القسم الأوّل .
ثمّ أقول : إنّ اُسلوب هذا الكلام مرجعه إلى ذكر مضارعين منفيّين توسّطت فيهما «حتّى» ومثل هذا يحتمل معنيين ينكشف المقصود بقرينة المقام :
أحدهما : أنّ وجود الفعل الأوّل منوط بوجود الفعل الثاني ، لا على أنّه يجب أن يكون كذلك في نفس الأمر ، بل يكفي فيه الادّعاء والجعل ، فيخبر المتكلّم باستمرار عدم الأوّل ما لم يوجد الثاني .
وثانيهما : أنّ وجود الثاني ممكن أو لازم أن يترتّب على وجود الأوّل ، والمتكلّم