315
الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2

وبالجملة : لا يشمل قوله عليه السلام : «إنّ الرجل ليحبّكم» محبّةَ غير المستضعف لأهل الحقّ بزعم أنّهم على مذهبه ، سواء كان منشأ المحبّة هو كونهم على مذهبه ، أو أمرٌ آخر، كيف وهو على هذا محبّ لمذهبه الباطل ، لا لهم ، ولهذا لو ظهر أنّهم مخالفون له لانقلب المحبّة بالبغض ؛ هذا هو الكلام في المحبّ .
وأمّا المبغض ، فهو مستوجب لدخول النار ، سواءً كان من النواصب ووجهه ظاهر، أو غير النواصب ؛ إذ غاية ما يمكن أن يوجد في شيعة آل محمّد عليهم السلام الأخلاقُ الرديّة ، والأعمال الغير المرضيّة ، وهي لا توجب البغض والبراءة اللذين اختصّ بهما المخالفون ؛ هكذا ينبغي أن يُفهم هذا المقام .

باب ذمّ الدنيا والزهد فيها

قوله : (حتّى لا يبالي من أكل الدنيا) .] ح ۲ / ۱۸۹۴ ]
في النهاية : «يُقال: ما باليته وما باليت به ، أي لم أكترث به» . ۱
وفي تاج المصادر للفاضل البيهقي : «مبالات : باك داشتن ؛ يتعدّى بنفسها وبالباء وبمن » انتهى .
أقول : كلمة «من» هذه يُحتمل أن تكون بكسر الميم ، فيكون استعمال «يبالي» من القسم الثالث الذي ذكره البيهقي ، ويُحتمل أن تكون بفتحها ، فيكون من القسم الأوّل .
ثمّ أقول : إنّ اُسلوب هذا الكلام مرجعه إلى ذكر مضارعين منفيّين توسّطت فيهما «حتّى» ومثل هذا يحتمل معنيين ينكشف المقصود بقرينة المقام :
أحدهما : أنّ وجود الفعل الأوّل منوط بوجود الفعل الثاني ، لا على أنّه يجب أن يكون كذلك في نفس الأمر ، بل يكفي فيه الادّعاء والجعل ، فيخبر المتكلّم باستمرار عدم الأوّل ما لم يوجد الثاني .
وثانيهما : أنّ وجود الثاني ممكن أو لازم أن يترتّب على وجود الأوّل ، والمتكلّم

1.النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۵۶ (بول) .


الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
314

سكر الجاه ، ويخرج عنّي الكبر والعُجب .
والعرفاء قالوا : إنّ تكرير ذكر خلق الإنسان من الحمأ المسنون والماء المهين من هذا الباب ؛ ليتذكّروا أصلهم ، ويخرج التكبّر عنهم ، وفي ذلك يقول القائل (بيت) :

از عدم تا به كنار آمده اىاز ره بول دو بار آمده اى

باب الحبّ في اللّه والبغض في اللّه

قوله : (فنادى يُسْمِعُ الناسَ) .] ح ۸ / ۱۸۸۴ ]
بضمّ الياء أو فتحها ، وعلى التقديرين الجملة حاليّة .
قوله : (فيقوم عنقٌ من الناس) .] ح ۸ / ۱۸۸۴ ]
في القاموس : «العنق ـ بالضمّ وبضمّتين ـ : الجماعة من الناس والرؤساء» ۱ .
قوله : (وأيَّ شيء) .] ح ۸ / ۱۸۸۴ ]
بالنصب على أنّه خبر «كانت» .
قوله : (إنّ الرجل ليُحِبُّكم ولا يعرف۲ما أنتم عليه) .] ح ۱۰ / ۱۸۸۶ ]
أي معرفةً على وجه البصيرة ليشمل من لا يعرف ولا ينكر ، كما هو شأن مستضعفي المخالفين ، ومن يقول بقول أهل الحقّ لكن لا على وجه البصيرة ، بل على جهة الاستحسان والنشو عليه والتقليد ، بناءً على أنّ العارف في زمان الأئمّة عليهم السلام كان يطلق على المستبصر بإمامتهم ، لا مطلق من عرف معنى التشيّع سماعا من الآباء وسائر الناس، فقبله بلا علم بحقّيته ، أو أنكره كما هو شأن المخالفين ومتعصّبيهم .
فقوله عليه السلام : «لا يعرف ما أنتم عليه» كناية عن مطلق المستضعفين ، ومنشأ محبّتهم لأهل الحقّ هو الاتّحاد في أصل الطينة ، فلذلك تهوى قلوبهم إليهم وإن لم يجدوا لذلك سببا ظاهرا . وربّما ينضمّ إلى السبب الباطني أسبابٌ ظاهريّة ، مثل السمت (الصمت ظ ل) ومكارم الأخلاق ، وملازمة الصدق ، ومحاسن الأعمال التي هي شيمة المستبصرين .

1.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۶۹ (عنق) .

2.في الكافي المطبوع : «وما يعرف» .

  • نام منبع :
    الذّريعة الي حافظ الشّريعة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 61839
صفحه از 688
پرینت  ارسال به