179
العقد النّضيد و الدّر الفريد

العقد النّضيد و الدّر الفريد
178

الحديث العشرون والمائة

۰.عن محمّد بن عبد اللّه بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عبّاس قال :. سمعنا عمر بن الخطاب يقولُ :
لمّا قال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم يوم الغدير ـ حين نصب عليّا ـ : «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهمَّ والِ من والاه وعَادِ من عاداه وانْصُر مَنْ نَصَرَه ، واخْذُلْ من خَذَلَه» قال عمر : وكان إلى جانبي شابٌّ حَسَنُ الْوَجْه ، طيّب الرائحة ، فقال : يا عمر ، لَقَدْ عقد رسول اللّه عقدا في هذا اليوم لا يحلّه إلاّ منافق ، فاحذر أن تكون أنت أوّل من تحلُّه ! فقلت : يا رسول اللّه ، حين قلت في عليّ مقالك كان إلى جانبي شابّ حسن الوجه طيّب الرائحة فقال لي كذا وكذا .
قال : «نعم يا عمر ، أما إنّه ليس مَنْ وُلِد ولكن جبرئيل عليه السلام ، أراد أن يؤكّد عليكم ما قلت في عليّ عليه السلام» ۱ .

الحديث الحادي والعشرون والمائة

۰.في كتاب المؤتلف والمختلف۲مسندا إلى إسحاق بن عبد اللّه بن الحارث قال :. في كتاب المؤتلف والمختلف ۳ مسندا إلى إسحاق بن عبد اللّه بن الحارث قال :
دخل عبد اللّه بن الحارث مسجد الرسول صلى الله عليه و آله وسلم ، فرأى عبد اللّه بن عمر بن الخطاب جالسا في نفر من أصحابه ، فمال إليه وسلّم عليه وجلس عنده ، فلم يحسن عبد اللّه مساءلته ولم يهشّ له ، فقال له : كأنَّكَ لم تثبتني يا أبا عبد الرحمن؟ فقال : بلى ، ألست «ببّة»؟! قال : فما حملك على ذكر اللّقب وتَرْكِ الاسم؟! قد كنت أحسب أنّ السنين أفادتكَ غير ما كنت تُعرف به وتنسب إليه ، فما أرى الحداثة والسنّ متفاوتين ! واللّه المستعان ، ولئن كان شبه الأجداد والأخوالِ داعيا لأهل الوقع إلى
وقعهم ، لقد ورثتَ جدّك وخالك وفعلهما !
ثمّ أقبل على القوم فقال : إنّ [ جدّ ]هذا ـ الخطاب بن نفيل ـ كان ابتاع رجلاً من تجّار اليمن خمرا على جلد من ذهب ، فأتاه اليماني يقبضه ، فعمد إلى جلد فكتب فيه : «ذهب فيه» حتّى ملأها ، ثمّ دفعها إلى اليماني ، وهو يظنّ أنّ ذلك يعني عنه ، فاستعدى اليماني إلى عمّي الزبير بن عبد المطّلب فأوجعه ضربا وأعرضه لليماني ملأ الجلد ذهبا .
وأمّا خاله قدامة بن مظعون ، فشرب الخمر على عهد عمر ، وأراد عمر أن يحدّه ، فقال : أليس اللّه يقول : «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّــلِحَـتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّ ءَامَنُواْ»۴ ؟! وهو يظنّ أ نّه يدرأُ عنه الحدّ بهذا ، فضربه الحدّ ، فلعمري يا بن عمر ، لقد ورثتهما بأشباه فعلهما !!
وكنت تجالس رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم صباحا ومساءً ، وأردت طلاق امرأتك فلم تحسن أن تطلّقها ، فطلّقتها طلاقا لم يره رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، فردّها عليك!
ثمّ أتيت عليّ بن أبي طالب وهو في قرابته من رسول اللّه وسابقته ، فبايعته غير مكره ، ثمّ جئت إليه فقلت : أقلني بيعتي [ فأقالك ]!؟
ثمّ جئت بعد ذلك إلى طارق مولى عفّان تقرع عليه بابه وتقول له : بايعني ، فإنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يقول : «من بات ليلة بغير إمام وليس في عنقه بيعة ، فمات من ليلته مات ميتة جاهليّة» ، وما شكّ أنّ طارقا كان لغير رشده ، ثمّ اضطرب الخيل بالناس تزعم أنّكَ لا تعرف حقّا فتنصر أهله ، ولا باطلاً فتقاتل أهله ، ولو أنَّكَ بعثتَ غلاما لك أعجميّا إلى قوم اختلفوا بينهم ليعلم منهم علمهم فرجع إليكَ وقال : ما أعرف ما كانوا فيه ، لأحسنت تأديبه! ۵
فقال عبد اللّه بن عمر : [ حسبك ]يا أبا محمّد ، فما أردت إلاّ خيرا ، وما كان ذكر لقبك إلاّ [ جهة ] .
وكلّم القومُ عبد اللّه بن الحارث فسألوه الكفّ عنه ، فقال : قد تركتُ أشياء هي أشدّ عليه وأنكأ له ، وسأتركها لكلامكم . فأمّا ذكر لقبه لي فواللّه لا أتركه :
اِعلموا أنّ الألقاب على وجهين ، منها : ما يكون من الأُمّهات والضرّات ، ومنها ما يكون من فعل القبيح يفعله الرجل فيلزمه ذلك لقبا وعارا ، وإنّ لقبي بشيء لم أكتسبه ، كنت صبيّا فكنت إذا أردت أن أقول : «أبه» قلت : «ببه» ، فسمّتني أُمّي «ببه» ، وكانت تبعثني فتقول :
لاُنكحنّ ببّه جارية خِدَبّة بين الصفا والكعبة
وإنّ لقبه هو أجلبه لنفسه ، وذلك أ نّه خرج يوما مع غلمانه يصطادون الضباب ، فرأوا ضبّا ۶ فسبقوا ليأخذوه ، فسبقهم فدخل جحره ، فقالوا : لو كان لنا ظَرِبان ۷ كان يضع دبره على فم الجحر ، ولا يزال يفسو إلى أن يخرج الضبّ إذا ضَجِر؟ فقال : ها أنا ظَرِبانكم! فوضع دبره على فم الجحر ، وما زال يفسوا حتّى ضَجِر الضبّ وخرج فأخذوه ، فلقّبوه ظَرِبانا .
ثمّ قال : ناشدتك اللّه يا بن عمر ، كان كذلك؟! فقال ابن عمر : إنّ أعظم الأمر توقيفك إيّاي على هذا وتناشدني ، فقال لقومه : . . . فاجعلني من مناشدتي في حلّ ۸ يا أبا عبد الرحمن .
فشاع الحديث في البلد وبلغ عبد اللّه بن أبي سفيان بن الحرب ، وكان يلقّب أبا الضباب ، فأنشأ يقول :
لعمري لقد لاقى الذي كان أهله أخا عدي فالجهالة قد تُردي

من أصيد من آل النبيّ معاودا ليطم العدي كالليث في حسه الورد
عداه تُبدّي أمره ما يسوؤهلدى الناس ممّا قد أسرّ وما يبدي
وقد كان عمّا قيل فيه بمعزلٍحقيق سليس المقالة في الردّ
فدونك فالبس حلّة قد كُسِيتَهامن العار لا تبلى عليك بلى البُرد
أ آل رسول اللّه يُجْحَد حقّهموكنت فطاما من قبيلة بردي
فنلتم به ما لم يمنّوا عشيرةوعدبوا وجوها بعد اقفيه بكد

1.روى نحوه في تفسير العياشي ۱ : ۳۲۹/۱۴۳ بسند آخر ومع تفاوت يسير.

2.المؤتلف والمختلف للدارقطني ۱ : ۲۶۸ ؛ باب ببّة ، وانظر تاريخ بغداد للخطيب۱ : ۲۲۵.

3.المائدة (۵) : ۹۳.

4.رواه ابن طاووس في الطرائف : ۲۰۹ ـ ۲۱۰. وروى قطعة منه في بحار الأنوار ۴۰ : ۲۴۹/۲۳ عن مناقب آل أبي طالب .

5.الضبّ: يوان من الزحّافات شبيه بالحِرْذَون ، ذنبه كثير العقد .

6.الظَرِبان : حيوان من اللواحم في حجم القطّ ، أغبر اللون ، مائل إلى السواد ، رائحته كريهة منتنة.

7.في حاشية النسخة: «في حلّ من مناشدتي [خ]».

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    سایر پدیدآورندگان :
    الناطقي، علي اوسط
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1381
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 23009
صفحه از 243
پرینت  ارسال به