61
العقد النّضيد و الدّر الفريد

العقد النّضيد و الدّر الفريد
60

الحديث السادس والأربعون

۰.عن الحسن بن الحسين السامري قال :كنت أنا ويحيى بن أحمد ۱ بن جريح البغداديّ فتنازعنا في ابن الخطّاب ، فاشتبه علينا أمره ، فقصدنا أحمد بن إسحاق القمّي صاحب الإمام أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليهماالسلامبمدينة قم ، فقرعنا الباب عليه، فخرجت علينا صبيّة من داره ـ عراقية ـ فسألناها عنه ، فقالت : هو مشغول بعياله فإنّه يوم عيد ، فقلنا : سبحان اللّه ! إنّما الأعياد للشيعة أربعة : الفطر ، والأضحى ، والغدير ، والجمعة.
قالت : فإنّ أحمد بن إسحاق يروي عن سيّده أبي الحسن [ عليّ بن محمد العسكري عليهماالسلام ] أنّ هذا اليوم يوم عيد، وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت عليهم السلاموعند
مواليهم . قلنا : فاستأذني لنا بالدخول عليه وعرّفيه مكاننا .
قالا : فدخلتْ عليه وعرّفته مكاننا ، فخرج علينا وهو متّزر بمئزر له [ يفوح مسكا ] يحتبي بكسائه ويمسح وجهه ، فأنكرنا ذلك عليه ، فقال : لا عليكما، فإنّي قد كنت اغتسلت للعيد ، قلنا : أوَهذا يوم عيد؟ ـ وكان يوم التاسع من شهر ربيع الأوّل ـ قالا جميعا : فأدخلنا داره وأجلسنا على سرير له .
ثمّ قال : إنّي قصدت مولاي أبا الحسن العسكري عليه السلام مع جماعة إخواني ـ كما قصدتماني ـ بسرّ من رأى ، فاستأذنّا الدخول عليه في مثل هذا اليوم ـ وهو يوم التاسع من ربيع الأوّل ـ فرأينا سيّدنا عليه السلامقد أوعز إلى كلّ واحدٍ من خدمه أن يلبسوا ما يمكنهم من الثياب الجُدُد ، وكان بين يديه مجمرة يحرق العود [ فيها ]بنفسه ، فقلنا له : بآبائنا أنت وأُمّهاتنا [ يا ابن رسول اللّه ]، هل تجدّد لأهل البيت في هذا اليوم فرح؟
فقال عليه السلام : «و أيّ يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم؟! ولقد حدّثني أبي عليه السلام أنّ حذيفة اليماني دخل في مثل هذا اليوم على جدّي رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، قال حذيفة : رأيت سيّدي أمير المؤمنين عليه السلام مع ولديه الحسن والحسين عليهماالسلام يأكلون مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وهو يتبسّم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين عليهماالسلام : كُلا هنيئا لكما بركة هذا اليوم وسعادته؛ [ فإنّه اليوم الذي يهلك اللّه فيه عدوّه وعدوّ جدّكما ] ، وإنّه اليوم الذي يقبل اللّه فيه أعمال شيعتكما ومحبّيكما ، كُلا فإنّه اليوم الذي صدق فيه قول اللّه تعالى : «فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةَم بِمَا ظَـلَمُواْ»۲ كُلا فإنّه اليوم الذي يكسر فيه شوكة مبغض جدّكما وناصر عدوّكما ، [ كُلا ]فإنّه اليوم الذي نسف فيه فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقّهم ، كُلا فإنّه اليوم الذي يعمد اللّه فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباءً منثورا ، كلا فإنّه اليوم الذي يفرح فيه قلبكما .
قال حذيفة : فقلت : يا رسول اللّه ، وفي أُمّتِك وأصحابك من يهتك الحرمة؟ ۳
فقال رسول اللّه : يا حذيفة ، جِبْتٌ من المنافقين يترأّس عليهم ويستعمل في أُمّتي الرياء ، ويحمل على كتفه درّة الخزي ، ويصدّ الناس عن سبيل اللّه ، ويحرّف كتابه ، ويغيّر سنّتي ، ويستحلّ أموال اللّه من غير حلّه ، وينفقها في غير طاعته ، ويشتمل على إرث ولدي ، وينصب نفسه علما ، ويتطاول على الإمامة من بعدي ، [ ويكذّبني ]، ويكذّب أخي ووزيري ، ويحسد ابنتي عن حقّها فتدعو اللّه عليه ، فيستجيب اللّه دعاءها فيه في مثل هذا اليوم .
قال حذيفة : يا رسول اللّه ، فادعُ ربّك ليهلكه في حياتك؟
قال صلى الله عليه و آله وسلم : يا حذيفة ، لا أُحبُّ أن أجترئ على قضاء اللّه ما قد سبق في علمه ، لكنّي سألت اللّه أن يجعل اليوم الذي يقبضه فيه إليه فضيلة على سائر الأيّام ، ليكون ذلك سنّة يستنُّ بها أحبّائي وشيعة أهل بيتي ومحبّوهم ، فأوحى اللّه إليَّ جلّ ذكره :
يا محمّد، إنّه كان في سابق علمي أن تَمسَّك وأهلَ بيتك مِحَنُ الدنيا وبلاؤها وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي ، ممَّنْ نَصَحْتَهم وخانوك ، ومحضتهم وغشّوك ، وصافيتهم وكاشحوك ، وأوصيتهم وخالفوك ، وأوعدتهم وكذبوك ، وجنّبتهم وسلّموك ، فإنّي أولى بحقّي ، وحولي وقوّتي وسلطاني لأفتحنّ على روح من يغصب بعدك عليّا وصيَّك حقَّه ألفَ باب من العذاب الأليم ، ولأصلينَّه وأصحابه سقرا يشرف عليه إبليس فيلعنه ، ولأجعلنّ ذلك المنافق عبرة في القيامة كفراعنة الأنبياء وأعداء الدين في المحشر ، ولأحشرنّهم وأولياءهم وجميع الظلمة والمنافقين إلى نار جهنّم زُرقا كالحين ، أذلّة خزايا ۴ نادمين ، ولأُدخلنّهم فيها أبد الآبدين .
يا محمّد ، لن يرافقك وصيّك في منزلتك إلاّ بما يمسّه من البلوى من فرعونه وغاصبيه الذي يجترئ عليّ، ويبدّل كلامي، ويشرك بي ، ويصدّ الناس عن سبيلي ، وينصب نفسه عجلاً لأُمّتك ، ويكفر بي في عرشي ، إنّي قد أمرت أهل سبع سماواتي
من شيعتكم ومحبّيكم أن يعيّدوا في هذا اليوم الذي أقبضته إليّ ، وأمرتهم أن ينصبوا كرسيّ كرامتي بإزاء البيت المعمور ، ويثنوا عليَّ ويستغفروا لشيعتكم ومحبّيكم من ولد آدم .
يا محمّد ، وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق ثلاثة أيّامٍ من ذلك اليوم ، ولا يكتبون عليهم شيئا من خطاياهم ؛ كرامةً لك ولوصيّك ۵ !
يا محمّد، إنّي قد جعلت ذلك اليوم وأمثال ذلك اليوم عيدا لك ولأهل بيتك، وعيدا لمن يتبعهم من المؤمنين من شيعتهم ، وآليت على نفسي، بعزّتي وجلالي وعلوّي في مكاني ، لأحبونّ من يعيّد في ذلك اليوم محتسبا ثواب الخافقين، [ ولأُشفعنّه ] في أقربائه وذوي رحمه ، ولأزيدنّ في ماله إن أوسع على نفسه وعياله فيه ، ولأُعتقنّ من النار في كلّ حولٍ في مثل ذلك اليوم ألفا من مواليكم وشيعتكم ومحبّيكم ، ولأجعلنّ سعيهم مشكورا، وذنبهم مغفورا ، وأعمالهم مقبولة .
قال حذيفة : ثمّ قام رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، فدخل إلى منزل أُمّ سلمة ، ورجعت عنه وأنا غير شاكّ في أمر الشيخ الثاني حتّى ترأّس بعد وفاة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وأُتيح [ له ]الشرّ، وعاود الكفر، وارتدَّ عن الدين ، وشمّر للملك ، وحرّف القرآن ، وأحرق بيت الوحي ، وأبدع السنن ، وغيّر الملّة ، وبدّل السنّة ، وردّ شهادة أمير المؤمنين ، وكذَّب فاطمة سيّدة نساء العالمين، واغتصب فدك منها، وأرضى المجوس واليهود والنصارى ، وأشجى قرّة عين المصطفى ولم يرضها ، وغيّر السنن كلّها ، ودبّر على قتل أمير المؤمنين ، وأظهر الجور ، وحرّم ما أحلّ اللّه ، وأحلّ ما حرّم اللّه ، وأبقى الناس أن يتّخذوا من جلود الإبل الدنانير ، ولطم وجه الزكية عليهاالسلام ، وصعد منبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمغصبا وظلما ، وافترى على أمير المؤمنين وعانده وسفّه رأيه .
قال حذيفة : فاستجاب اللّه دعاء مولاتي عليهاالسلام على ذلك المنافق ، وأجرى قتله على
يدي قاتله رحمه الله .
قال حذيفة : فدخلت على أمير المؤمنين عليه السلام أُهنّئه بقتله ورجوعه إلى دار الانتقام ، فقال لي : يا حذيفة ، أتذكر اليوم الذي دخلتَ فيه على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وأنا وسبطاه نأكل معه فدلّك على فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه؟ قلت: بلى يا أخا رسول اللّه ، فقال : هو واللّه هذا اليوم ، أقرّ اللّه فيه عيون آلِ الرسول به ، وأنا أعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسما .
فقلت : إنّي أُحبّ أن تُسْمِعني أسامي هذا اليوم. فعدّ أمير المؤمنين وكان يوم التاسع من شهر ربيع الأوّل.
قال حذيفة : فقمت من عنده فقلت في نفسي : لو لم أدرك من أفعال الخير وما أرجو به الثواب إلاّ فَضْل هذا اليوم لكان مناي» .
قال الفقيه الحسن بن يحيى بن الجريح : فقام كلّ واحد منّا فقبّل رأس أحمد بن إسحاق وقلنا له : الحمد للّه الذي ما قبضنا حتّى شرّفنا بفضل هذا اليوم المبارك، والحمد للّه ربّ العالمين ۶ .
وعن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : لمّا ظفر أبو لؤلؤة على ابن الخطّاب أخذوه فجاؤُوا به إليه ، فقال له ابن الخطّاب : يا عدوّ اللّه ! ما حملك على قتلي ومن دسّك عليّ؟ قال : اجعل بيني وبينك حَكما حتى أتكلّم ، فقال له ابن الخطّاب : بمن ترضى؟ قال : بعليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فلمّا جاء عليٌّ لأبي لؤلؤة تكلّم ـ فقد حضر حَكَم عَدْل ـ أنت أمرتني ، أنت أمرتني بقتلك يا عمر! قال : كيف؟! قال : سمعتك تخطب على منبر الرسول وتقول : لقد كانت بيعتنا لأبي بكر فلتةً وقانا اللّه شرّها ، فمن
عاد إلى مثلها فاقتلوه .
قال : فغشي عليه وجعل يخور فأُغمي عليه وخرجت روحه ۷ .

1.في البحار : «محمّد».

2.النمل (۲۷) : ۵۲.

3.في البحار: «هذه المحارم».

4.في البحار : «حيارى».

5.كذا ؛ وذلك لمخالفته للأُصول المسلّمة عند الشيعة الإماميّة والآيات الكريمة المنزلة على رسوله مردود؟!

6.بحار الأنوار ج ۹۵ : ۳۵۱ باب ۱۳ فضل يوم التاسع من ربيع الأوّل ، عن كتاب زوائد الفوائد للسيّد ابن طاووس وج۳۱ : ۱۲۰ ـ ۱۲۹ ، مقتل عمر وكيفيّة قتله ، أخرجه عن كتاب زوائد الفوائد لابن طاووس ، والمحتضر للشيخ حسن ، ص ۴۴ ـ ۵۵ .

7.راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ۲ : ۲۹ حديث السقيفة ، و۲۰ : ۲۱ ؛ والمناقب لابن شهرآشوب ۴ : ۳۱۵ ، فصل في علمه ؛ وتاريخ الطبري ۳ : ۲۰۰ . وانظر بحار الأنوار ۳۰ : ۴۴۳ ، الطعن الرابع ، مع التعليقات.

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    سایر پدیدآورندگان :
    الناطقي، علي اوسط
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1381
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 23027
صفحه از 243
پرینت  ارسال به