الحاشية علی اصول الكافي (العاملي) صفحه 5

تصدير

لا يزال الكافي يحتلّ الصدارة الاُولى من بين الكتب الحديثية عند الشيعة الإمامية ، وهو المصدر الأساس الذي لا تنضب مناهله ولا يملّ منه طالبه ، وهو المرجع الذي لا يستغني عنه الفقيه ، ولا العالم ، ولا المعلّم ، ولا المتعلّم ، ولا الخطيب ، ولا الأديب . فقد جمع بين دفّتيه جميع الفنون والعلوم الإلهيّة ، واحتوى على الاُصول والفروع . فمنذ أحد عشر قرنا وإلى الآن اتّكأ الفقه الشيعي الإمامي على هذا المصدر لما فيه من تراث أهل البيت عليهم السلام ، وهو أوّل كتاب جمعت فيه الأحاديث بهذه السعة والترتيب . وبعد ظهور الكافي اضمحلّت حاجة الشيعة إلى الاُصول الأربعمائة ، لوجود مادّتها مرتّبة ، مبوّبة في ذلك الكتاب . ولقد أثنى على ذلك الكتاب القيّم المنيف والسفر الشريف كبار علماء الشيعة ثناءً كثيرا ؛ قال الشيخ المفيد في حقّه : «هو أجلّ كتب الشيعة وأكثرها فائدة» وتابعه على ذلك من تأخّر عنه .
ومن عناية الشيعة الإمامية بهذا الكتاب واهتمامهم به أنّهم شرحوه أكثر من عشرين مرّة ، وتركوا ثلاثين حاشية عليه ، ودرسوا بعض اُموره ، وترجموه إلى غير العربية ، ووضعوا لأحاديثه من الفهارس ما يزيد على عشرات الكتب ، وبلغت مخطوطاته في المكتبات ما يبلغ على ألف وخمسمائة نسخة خطيّة ، وطبعوه ما يزيد على العشرين طبعة .
ومن المؤسف أنّ الكافي وشروحه وحواشيه لم تحقّق تحقيقا جامعا لائقا به ، مبتنيا على اُسلوب التحقيق الجديد ، على أنّ كثيرا من شروحه وحواشيه لم تطبع إلى الآن وبقيت مخطوطات على رفوف المكتبات العامّة والخاصّة ، بعيدة عن أيدي الباحثين والطالبين.
هذا ، وقد تصدّى قسم إحياء التراث في مركز بحوث دار الحديث تحقيق كتاب

الحاشية علی اصول الكافي (العاملي) صفحه 6

«الكافي» ، وأيضا تصدّى في جنبه تحقيق جميع شروحه وحواشيه ـ وفي مقدّمها ما لم يطبع ـ على نحو التسلسل.
ومنها هذه الحاشية التي لم تطبع حتّى يومنا هذا ، لمؤلّفها السيّد أحمد بن السيّد زين العابدين بن الحسيني العاملي ، وهو من أكابر علماء الإمامية في القرن الحادي عشر . تلمّذ على يد علماء كبار ، كالشيخ البهائي والمحقّق الداماد ، وتشرّف بالإجازة عن الشيخ البهائي مرّتين ، مدحه في إجازته الاُولى الصادرة في سنة 1017 ه بهذه الألفاظ : «الولد الروحاني ، والحميم العقلاني ، السيّد السند ، المؤيّد الألمعي ، اليلمعي اللوذعي ، الفريد الوحيد ، العَلَم العالم ، العامل الفاضل الكامل ، ذا النسب الطاهر ، والحسب الظاهر ، والشرف الباهر ، والفضل الزاهر ، نظاما للشرف والمجد والعقل والدين والحقّ والحقيقة . . .» .
وأطراه في إجازته الثانية الصادرة في سنة 1019 ه بهذه الكلمات : «السيّد الأيّد المؤيّد ، المتمهّر المتبحّر ، الفاخر الذاخر ، العالم العامل ، الفاضل الكامل ، الراسخ الشامخ ، الفهّامة الكرّامة ، أفضل الأولاد الروحانيين ، وأكرم العشائر العقلانيين ، قرّة عين القلب ، وفلذة كبد العقل ، نظّاما للعلم والحكمة ، والإمارة والإفاضة ، والحقّ والحقيقة . . .» . [ بحار الأنوار ، ج106 ، ص152 ـ 155 ] وهو من المكثرين في التأليف والآثار . وحاشيته هذه رغم اختصارها اشتملت على لطائف كثيرة لا تخفى على المتأمّل الخبير .
ونعرب في ختام المطاف عن جزيل شكرنا وتقديرنا للمحقّق الفاضل حجّة الإسلام السيّد صادق الحسيني الأشكوري ؛ لتصحيحه هذا الأثر القيّم ، وكذا الاُخوة الفضلاء حجج الإسلام ، نعمة اللّه الجليلي ومسلم مهدي زاده وحميد الأحمدي ؛ لمساهمتهم في إتمام العمل . ونسأل اللّه تعالى لهم مزيد التوفيق .
قسم إحياء التراث
مركز بحوث دار الحديث
محمّد حسين الدرايتي