فالبدن اللاحق من الإنسان إذا اعتُبِر بالقياس إلَى البدن السابق منه كان مِثلَه لا عَينَه ، لكنّ الإنسان ذا البدن اللاحق إذا قِيس إلَى الإنسان ذي البدن السابق كان عينَه لا مِثلَه ؛ لأنّ الشخصيّة بالنفس وهي واحدة بعينها.
ولمّا كان استبعاد المشركين في قولهم : (مَن يُحْيي العِظامَ وَهِيَ رَميمٌ) راجعاً إلى خلق البدن الجديد دون النفس ، أجاب سبحانه بإثبات إمكان خلق مِثلهم ، وأمّا عَودهم بأعيانهم فهو إنّما يتمّ بتعلّق النفوس والأرواح المحفوظة عند اللَّه بالأبدان المخلوقة جديداً ، فتكون الأشخاص الموجودِين فِي الدنيا من الناس بأعيانهم كما قال تعالى : (أوَلَمْ يَرَوا أنَّ اللَّهَ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أنْ يُحْييَ الْمَوتى)۱ فعلّق الإحياء علَى الموتى بأعيانهم فقال : (عَلى أنْ يُحْييَ الْمَوتى) ولم يقل : على أن يحيي أمثال الموتى .۲
2928 - كَيفِيَّةُ المَعادِ
الكتاب :
(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأماتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إلَى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أعْلَمُ أنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .۳
(وَإذْ قالَ إبْراهِيمُ رَبِّ أرِنِي كَيْفَ تُحْيي الْمَوْتَى قالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .۴
(وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيي الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْييها الَّذِي أنْشَأها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) .۵
(أيَحْسَبُ الإنْسانُ أن لَنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ * بَلَى قادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) .۶
1.الأحقاف : ۳۳ .
2.الميزان في تفسير القرآن : ۱۷/۱۱۲ - ۱۱۴ .
3.البقرة : ۲۵۹ .
4.البقرة : ۲۶۰ .
5.يس : ۷۸ ، ۷۹ .
6.القيامة : ۳ ، ۴ .