بفساد اعتقادهم وعملهم - وهم الفجّار - هم الناقصون الخاسرون في إنسانيّتهم حقيقةً ، ومقتضى هذا الكمال والنقص أن يكون بإزاء الكمال حياة سعيدة وعيش طيّب ، وبإزاء خلافه خلاف ذلك .
ومن المعلوم أنّ هذه الحياة الدنيا التي يشتركان فيها هي تحت سيطرة الأسباب والعوامل المادّيّة ، ونسبتها إلى الكامل والناقص والمؤمن والكافر على السواء ، فمن أجاد العمل ووافقته الأسباب المادّيّة فاز بطيب العيش ، ومن كان على خلاف ذلك لزمه الشقاء وضنك المعيشة .
فلو كانت الحياة مقصورة على هذه الحياة الدنيويّة التي نسبتها إلى الفريقَين على السواء ، ولم تكن هناك حياة تختصّ بكلّ منهما وتناسب حاله ، كان ذلك منافياً للعناية الإلهيّة بإيصال كلّ ذي حقّ حقّه وإعطاء المقتضيات ما تقتضيه .
وإن شئت فقل : تسوية بين الفريقين وإلغاء ما يقتضيه صلاح هذا وفساد ذلك خلاف عدله تعالى .
والآية - كما ترى - لا تنفي استواء حال المؤمن والكافر ، وإنّما قرّرت المقابلة بين من آمن وعمل صالحاً وبين من لم يكن كذلك سواء كان غير مؤمن أو مؤمناً غير صالح ؛ ولذا أتت بالمقابلة ثانياً بين المتّقين والفجّار .۱
2924 - الدَّليلُ الثّاني لِإثباتِ المَعادِ
الكتاب :
(يا أَيُّها الناسُ إنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ... ذلِكَ بِأنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأنَّهُ يُحْيي الْمَوْتَى وَأنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) .۲
(وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أنْشَأها أوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) .۳
(أيَحْسَبُ الْإنْسانُ أنْ يُتْرَكَ سُدىً * ألَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى *
1.الميزان في تفسير القرآن : ۱۷/۱۹۶ و ۱۹۷ .
2.الحجّ : ۵ - ۷ .
3.يس : ۷۸ ، ۷۹ .