الایثار (تفصیلی) - الصفحه 4

كما يستعمل تارة اُخرى بمعنى التقديم السلبي ، كما في قوله سبحانه :
«بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا * وَ الْاخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقَى» . ۱
ما يستدعي الانتباه في استعمال هذا المصطلح للتدليل على قيمة من القيم الأخلاقية ، أنّ مطلق تقديم الآخرين وتفضيلهم على النفس في تأمين الاحتياجات والمتطلّبات لا يعدّ بنفسه ذا قيمة حسب الرؤية الإسلامية ؛ لأنّه ترجيح بلا مرجّح ، والتقديم في غير محلّه ليس له قيمة كما سيأتي ذكره في آداب الإيثار ، لذلك كلّه اكتسب تعريف الإيثار الإيجابي في مصباح الشريعة الصيغة التالية :
أصل الإِيثارِ تَقديمُ الشَّيءِ بِحَقِّهِ. ۲
ينهض هذا القسم بتبيين الإيثار الإيجابي انطلاقا من المنظور القرآني والحديثي ۳ ، ومن ثَمّ فإنّ كلّ ما سيأتي بعد ذلك باعتبار أنّه مدخلٌ لنصوص هذا القسم وخلاصةٌ لها ، إنّما يتعاطى مع الإيثار بوصفه قيمة أخلاقية مهمّة .
وفي هذا السياق تواجهنا العناوين التالية :

1 . قيمة الإيثار

يعدّ الإيثار أحد أبرز الفضائل والقيم الإنسانية حيث نعتته كلمات القادة المعصومين بأوصاف كريمة من قبيل أنّه أعلى مكارم الأخلاق ، وأعلى الإحسان ، وأعلى مراتب الإيمان وأفضل عبادةٍ . ۴ وفي ثقافة الإسلام ومعياره : لا يستحقّ أحد من الناس ألقاب الفضيلة والمروءة والفتوّة ويكون بها خليقا ، إلّا من تخلّق بهذه الخصلة

1.الأعلى : ۱۶ و ۱۷.

2.مصباح الشريعة : ص ۴۱۵.

3.ستأتي البحوث ذات الصلة بالإيثار السلبي في الأبواب التي ترتبط بـ «الدنيا» إن شاء اللّه .

4.راجع : ص ۱۱۷ (قيمة الإيثار) .

الصفحه من 62