الإخاء (تفصیلی) - الصفحه 35

إنّ إشهار موقف الحبّ إزاء من لا يرحم المجتمع الإنساني ، ممارسة تعود بتبعات مدمّرة ، وبنصّ الإمام عليّ عليه السلام :
رَحمَةُ مَن لا يَرحَمُ تَمنَعُ الرَّحمَةَ ، وَاستِبقاءُ مَن لا يُبقي يُهلِكُ الاُمَّةَ. ۱
إنّ حبّ المجتمع الانساني يقتضي بغض أمثال هذه العناصر الخطيرة ، وتقليم أظفارها ومنعها من التجاوز على حريم الإنسانية .
على هذا الضوء تتمثّل فلسفة البغض في اللّه ، بمواجهة العقبات التي تمنع سيادة القيم الإنسانية السامية وتحول دون ازدهارها ، وتحمي المجتمع من العناصر المناهضة لتلك القيم ، وأهمّية هذه المواجهة لا تقلّ عن الجهود التي تُبذل لبناء مجتمع يرتكز إلى الحبّ ، بل هي جزء من هذه الجهود .

للبغض منشأ في الحبّ!

بالإضافة إلى ما مرّ ذكره في الفقرة السابقة ، يلاحظ أنّ للبغض منشأ في الحبّ أساساً ، والحبّ الواقعي يقترن مع البغض دائماً ، فكلّ علاقة تربط الإنسان بشيء تفضي طبيعياً إلى التنفّر ممّا يتضاد مع ذلك الشيء ويتعارض معه ، فلا يسع للإنسان أن يحبّ إنساناً حبّاً واقعياً ولا يعادي عدوّه!
إنّ بغض الأعداء في الحقيقة من أوضح الدلائل على واقعية محبّة من يدّعي الحبّ ، ومن هذا المنطلق جاء التركيز في النصوص الإسلامية على ذكر البغض في اللّه إلى جوار الحبّ في اللّه .

1.غرر الحكم : ج ۴ ص ۹۶ ح ۵۴۳۰.

الصفحه من 98