الإخاء (تفصیلی) - الصفحه 76

5 / 4

أوَّلُ مَن تَآخوا في الإسلامِ

إنّ التناسب الروحي يُعدّ واحدا من أكثر مبادئ المحبّة والاُلفة أصالةً ، يقول أميرالمؤمنين عليه السلام : «إنَّ النُّفوسَ إذا تَناسَبَتِ ائتَلَفَت» . ۱
وفي هذا السياق ، فقد أقام النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله ـ وعلى ضوء علم النفس الدقيق الذي يمتلكه عن أصحابه ـ مبدأ الاُخوّة بين الأفراد الذين يمتلكون طبيعةً روحيّةً واحدة ، وقد أشار ابن عبّاس إلى هذه النكتة الدقيقة حيث قال : «لمّا نزل قوله تعالى : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» آخى رسول اللّه صلى الله عليه و آله بين الأشكال والأمثال» . ۲
ولا ريب في أنّ معرفة علاقات الاُخوّة التي أقامها النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله بين أصحابه في المجتمع المدنيّ ، ذات فائدة كبيرة في تحليل أحداث تاريخ صدر الإسلام ؛ ومن هذا المنطلق سوف نشرع بهذا الموضوع مستفيدين من معطيات الوثائق الحديثيّة والتاريخيّة ، ونبدأ بأجمل الانتقاءات والعلاقات الأخويّة :

۷۵۳.العمدة عن أنس :لَمّا كانَ يَومُ المُباهَلَةِ ۳ وآخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله بَينَ المُهاجِرينَ وَالأَنصار وعَلِيٌّ عليه السلام واقِفٌ يَراهُ ويَعرِفُ مَكانَهُ لَم يُؤاخِ بَينَهُ وبَينَ أحَدٍ ، فَانصَرَفَ عَلِيٌ عليه السلام باكِيَ العَينِ ، فَافتَقَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ، فَقالَ : ما فَعَلَ أبُو الحَسَنِ ؟ فَقالوا : اِنصَرَفَ باكِيَ العَينِ يا رَسولَ اللّهِ !
قالَ : يا بِلالُ اذهَب ، فَائتِني بِهِ .
فَمَضى بِلالٌ إلى عَلِيٍّ عليه السلام وقَد دَخَلَ مَنزِلَهُ باكِيَ العَينِ ، فَقالَت فاطِمَةُ عليهاالسلام : ما يُبكيكَ ؟ لا أبكَى اللّهُ عَينَيكَ ! قالَ : يا فاطِمَةُ ، آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله بَينَ المُهاجِرينَ

1.غرر الحكم : ج ۲ ص ۴۹۰ ح ۳۳۹۳ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ۱۴۹ ح ۳۲۷۰ .

2.. بحار الأنوار : ج ۳۸ ص ۳۳۵ .

3.وهو الرابع والعشرون من ذي الحجّة (وسائل الشيعة : ج ۵ ص ۲۸۷ الباب ۴۷) .

الصفحه من 98