البسملة (تفصیلی) - الصفحه 67

دراسة حول الجهر بالبسملة تجدر الإشارة إلى أنّه تمّت هذه الدراسة من قبل الأخ الفاضل محمّد إحسانيفر .

فيما يتعلّق بالجهر ب «البسملة» في الصلاة بعض الملاحظات اللّافتة للنظر :

1 . الجهر بالبسملة في السنّة النبويّة

المستفاد من الروايات المستفيضة ۱ والمسلّم بها للعامّة وشيعة أهل البيت عليهم السلام ، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته كانوا يجهرون بالبسملة في الصلاة ، حتّى في الصلوات الإخفاتية .
ولذلك يجمع فقهاء الإمامية على وجوب الجهر بالبسملة في صلاة الفجر والليل والجمعة ، واستحبابها في الصلوات الإخفاتية .

2 . سنّة الجهر بالبسملة في عمل الصحابة

بل إنّ الصحابة الآخرين وحتّى الخلفاء الثلاثة كانوا يراعون هم أيضا هذه السنّة ، بالإضافة إلى أميرالمؤمنين عليه السلام .
وقد جاء من النقول المعتبرة عن جمع من الصحابة والتابعين ، أنّ أبا بكر وعمر وعثمان صلّوا خلف رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأميرالمؤمنين عليه السلام ، وكانوا كلّهم يجهرون بالبسملة.
ومن جملة الصحابة الّذين روي عنهم في النقول القول بالجهر بالبسملة : عمّار بن ياسر ، أنس بن مالك ، عبداللّه بن مسعود ، عبداللّه بن عمر ، عبداللّه بن الزبير ، عائشة ، أبو بكر ، عمر بن الخطاب ، عثمان بن عفّان ، الحكم بن عمير ، أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي ، النعمان بن بشير ، عبيد بن رفاعة ، أبو هريرة .
ولكنّ بعض النقول الّتي نُسبت إلى النبيّ صلى الله عليه و آله وأميرالمؤمنين عليه السلام وأنس والخلفاء الثلاثة وابن عبّاس ، تفيد بأنّهم كانوا يؤدّون الصلاة بدون البسملة أصلاً أو بالإخفات ، ويجب اعتبارها من المساعي المستميتة لبني اُميّة لتبرير بدعتهم ، كما سيتّضح ذلك خلال مواصلة هذا التحليل .
بالإضافة إلى كثرة روايات الطائفة الاُولى وقوّتها غير القابلة للقياس ، فإنّ من جملة شواهد هذا القول الروايات الّتي تنقل الاعتراض العامّ لأهل المدينة على معاوية لتغييره سنّة الجهر وترك البسملة .
فعندما أقدم معاوية في عهد حكمه على ترك هذه السنّة والسيرة ، واجه اعتراضا شاملاً من قبل الصحابة والتابعين المتواجدين في المدينة ، وقد نقل الشافعي في كتاب الاُمّ والدارقطني والبيهقي في سننه حول ترك معاوية لسنّة الجهر بالبسملة والاعتراض العام :
إنّه قدم المدينة فصلّى بهم ولم يقرأ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ» ، ولم يكبّر إذا خفض وإذا رفع ، فناداه المهاجرون والأنصار حين سلّم : يا معاوية أسرقت صلاتك ؛ أين «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ» ؟ وأين التكبير ؟ فلمّا صلّى بعد ذلك قرأ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ» لاُمّ القرآن وللسورة الّتي بعدها ، وكبّر حين يهوي ساجدا . ۲
وعدّ الحاكم النيسابوري هذه الرواية صحيحة بعد نقلها في مستدركه . ۳
إنّنا نلاحظ أنّ الصحابة والتابعين أطلقوا صيحات الاعتراض بعد حذف البسملة من سور الصلاة ، وهذا يدلّ على أنّ الجهر بالبسملة كان يعتبر من السنّة المستمرّة ، فضلاً عن أنّ كون البسملة جزء من سورة الحمد والسور الاُخرى هو من المسلّمات لدى الصحابة ، فلو لم يكن الخلفاء السابقون ملتزمين بالجهر بالبسملة ، ولو كان هناك مستمسك للدفاع عن عمل معاوية ، لما واجه مثل هذا الاعتراض العام ، ولوجد مسندا لتبرير عمله هذا .

1.بل ليس من المستبعد أن تبلغ كثرة هذه الروايات حدّ التواتر أيضا .

2.الدرّ المنثور : ج ۱ ص ۲۰ نقلاً عن الشافعي في الاُمّ والدارقطني والحاكم والبيهقي .

3.المستدرك على الصحيحين : ج ۱ ص ۲۳۳ .

الصفحه من 72