البکاء (تفصیلی) - الصفحه 125

بَحثٌ حَولَ البُكاءِ عَلَى المَيِّتِ

تفيد روايات هذا الباب بأنّ النبي صلى الله عليه و آله لم يكن يمنع أحداً من أقاربه وأصحابه المفجوعين عن البكاء ولم يذمّ سلوكهم ، بل إنّه بكى هو نفسه على فقدان بعض أصحابه ؛ مثل عثمان بن مظعون ، وسعد بن معاذ ، وكذلك أقاربه ؛ مثل حمزة سيّد الشهداء ، وابنه إبراهيم ، وابن عمّه جعفر بن أبي طالب ، وابنه بالتبنّي زيد بن حارثة ، وفاطمة بنت أسد .
وتظهر الروايات التي نقلت زيارته صلى الله عليه و آله للأبواء أنّه بكى عند قبر والدته بعد مرور حوالي خمسين سنة على وفاتها ، وأبكى الآخرين . وتُفيد بعض الروايات التاريخية بأنّ النبي صلى الله عليه و آله دعا للبكاء على حمزة سيّد الشهداء ، واعتبر البكاء عليه وعلى أمثال جعفر بن أبي طالب فيما بعدُ عملاً صحيحاً وأمر به ، بل إنّه صلى الله عليه و آله دعا الذين زجروا الباكين عن البكاء أن يكفّوا عن ذلك ويسمحوا للمفجوعين بالبكاء .
جدير ذكره أنّ روايةً أو روايتين شاذّتين ومضطربتين ۱ منسوبتين إلى عمر وأبي موسى الأشعري وغيرهما ، تدلّان على أنّ الميّت يُعذَّب ببكاء أهله عليه ۲ ،

1.اضطراب الحديث بلحاظ اختلاف التعبير ؛ فقد عُبّر بالبكاء في بعض الروايات ، بينما عُبّر بالنياحة في قسم آخر منها وأنّها توجب عذاب الميّت ، وهي الروايات الأكثر ، وبناءً على التعبير الثاني فإنّها لا تخالف ما رأيناه .

2.راجع : مسند ابن حنبل : ج ۱ ص ۸۵ ح ۲۴۸ وج ۷ ص ۲۵۴ ح ۲۰۱۳۰ وصحيح البخاري : ج ۱ ص ۴۳۳ ح ۱۲۲۸ ـ ۱۲۳۰ و . . .

الصفحه من 142