النفاق - الصفحه 15

والذي أوردناه في هذا الفصل إشارة إجماليّة إلى‏ سبيل البحث» .۱
و قال قدّس سرّه في تفسير قوله تعالى‏ : (ولِيَقُولَ الّذِينَ في قُلُوبِهِم مَرَضٌ)۲ :

ذنابة لما تقدّم من الكلام في النفاق :

ذكر بعضهم أنّ قوله تعالى‏ : (ولِيَقُولَ الّذِين في قُلُوبِهِم مَرَضٌ...) الآية - بناءً على‏ أنّ السورة بتمامها مكّيّة ، وأنّ النفاق إنّما حدث بالمدينة - إخبار عمّا سيحدث من المغيّبات بعد الهجرة . انتهى‏ .
أمّا كون السورة بتمامها مكّيّة فهو المتعيّن من طريق النقل ، وقد ادّعي عليه إجماع المفسّرين ، وما نقل عن مقاتل أنّ قوله : (وما جَعَلْنا أصْحابَ النَّارِ إلّا مَلائكةً...)۳ الآية مَدَنِيَّةٌ ، لم يثبت من طريق النقل . وعلى‏ فرض الثبوت هو قول نظريّ مبنيّ على‏ حدوث النفاق بالمدينة والآية تخبر عنه .
وأمّا حديث حدوث النفاق بالمدينة فقد أصرّ عليه بعضهم محتجّاً عليه بأنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله والمسلمين لم يكونوا قبل الهجرة من القوّة ونفوذ الأمر وسعة الطَّول بحيث يهابهم الناس أو يرجى‏ منهم خير حتّى‏ يتّقوهم ويظهروا لهم الإيمان ويلحقوا بجمعهم مع إبطان الكفر، وهذا بخلاف حالهم بالمدينة بعد الهجرة .
والحجّة غير تامّة كما أشرنا إليه في تفسير سورة المنافقون في كلام حول النفاق ؛ فإنّ علل النفاق ليست تنحصر في المخافة والاتّقاء أو الاستدرار من خير معجّل ، فمن علله الطمع ولو في نفع مؤجّل ، ومنها العصبيّة والحميّة ، ومنها استقرار العادة ، ومنها غير ذلك .
ولا دليل علَى انتفاء جميع هذه العلل عن جميع من آمن بالنبيّ صلى اللَّه عليه وآله بمكّة قبل الهجرة ، وقد نقل عن بعضهم أنّه آمن ثمّ رجع أو آمن عن ريب ثمّ صلح .

1.الميزان في تفسير القرآن : ۱۹ / ۲۸۷ .

2.المدّثّر : ۳۱ .

3.المدّثّر : ۳۱ .

الصفحه من 16