125
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

السّاعَةُ أو يَكونَ عَلَيكُمُ اثنا عَشَرَ خَليفَةً كُلُّهُم مِن قُرَيشٍ» . ۱
وقد جاء في نصّ آخر بالصيغة التالية : عَن جابِرِ بنِ سَمُرَةَ قالَ : كُنتُ مَعَ أبي عِندَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَسَمِعتُهُ يَقولُ : «بَعدِي اثنا عَشَرَ خَليفَةً» ، ثُمَّ أخفى صَوتَهُ ، فَقُلتُ لِأَبي : مَا الَّذي أخفى صَوتَهُ ؟
قالَ : قالَ : «كُلُّهُم مِن بَني هاشِمٍ» . ۲
وفي نصّ آخر : «يَكونُ مِن بَعدِي اثنا عَشَرَ أميراً» . ۳
ما الذي قصده رسول اللّه صلى الله عليه و آله من هذه الأحاديث ؟ هل تحدّث عن واقع سوف يحصل أم رام الحديث عن حقيقة ينبغي أن تكون ؟ هل رام أن يستشرف المستقبل ليشير إلى الذين سيخلفونه في الواقع التاريخي ، ويتسنّمون هذا الموقع من بعده أم أ نّه استند إلى حقيقة تنصّ صراحة أنّ خلفاءه اثنا عشر خليفة ، وأنّ هؤلاء هم الذين ينبغي أن يكونوا خلفاء ، ليس من ورائهم أحد حتى آخر الدهر ؟
لايبدو أنّ هناك شكّ في أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان بصدد إعلان الخليفة ، وتحديد من يتبوّأ مكانه ويمارس الحاكميّة على الاُمّة كما يمارسها هو ، ويواصل نهج النبيّ في الخلافة .
بيد أنّ البعض سعى إلى اصطناع مصاديق لهذا الكلام الإلهي الذي نطق به الرسول صلى الله عليه و آله تتطابق ورغباته ۴
، فذهب إلى أنّ المراد من الاثنيعشر هم الخلفاء الأربعة ، ومعاوية وولده يزيد وهكذا ! ۵
وعلى طبق هذا التفسير يكون النبيّ صلى الله عليه و آله قد نصب هؤلاء خلفاء له ، وأهاب بالاُمّة

1.صحيح مسلم : ج۳ ص۱۴۵۳ ح۱۸۲۲ .

2.ينابيع المودّة : ج۳ ص۲۹۰ ح۴ .

3.سنن الترمذي : ج۴ ص۵۰۱ ح۲۲۲۳ .

4.راجع : الإمامة وأهل البيت : ج۲ ص۵۴ ، حيث توفّر على ذكر هذه المصاديق .

5.راجع : شرح العقيدة الطحاويّة : ج۲ ص۷۳۶ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
124

بابٍ» . وهذه هي الحقيقة ، يدلّ عليها قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «أنَا دارُ الحِكمَةِ ، وعَلِيٌّ بابُها» .
ثمّ هل انشقّت الحياة الإنسانيّة عن إنسان غير عليّ يقول : «سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني» ؟ وهل عرفت صفحات التاريخ من ينطق بهذا سوى أمير المؤمنين ؟ لقد أجمع الصحابة على أعلميّة عليّ بن أبي طالب ، وتركوا للتاريخ شهادة قاطعة تقول : أفضلنا عليّ . ولِمَ لا يكون كذلك والإمام أمير المؤمنين نفسه يقول : «وَاللّهِ ما نَزَلَت آيَةٌ إلّا وقَد عَلِمتُ فيمَ نَزَلَت ، وأينَ نَزَلَت ، وعَلى مَن نَزَلَت ؛ إنَّ رَبّي وَهَبَ لي قَلباً عَقولاً ، ولِساناً ناطِقاً» .
وما أسمى كلمات الإمام الحسن عليه السلام وما أجلّ كلامه وهو يقول بعد شهادة أمير المؤمنين : «لَقَد فارَقَكُم رَجُلٌ بِالأَمسِ لَم يَسبِقهُ الأَوَّلونَ بِعِلمٍ ولا يُدرِكُهُ الآخِرونَ» .
إنّ هذا وغيره ـ وهو كثير قد جاء في مواضع متعددة ـ ليشهد أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قصد من وراء التركيز على هذه النقطة ـ التي أقرّ بها الصحابة تبعاً للنبيّ ـ أن يعلن عمليّاً عن المرجع الفكري للاُمّة مستقبلاً ، ويحدّد للاُمّة بوضوح الينبوع الثرّ الذي ينبغي أن تستمدّ منه علوم الدين .

12 . أحاديث إثنا عشر خليفة

من بين الأحاديث المهمّة الجديرة بالتأمّل بشأن مستقبل الاُمّة ، هي تلك التي تتحدّث عن عدد خلفاء الرسول صلى الله عليه و آله . إنّ هذه الأحاديث الوفيرة التي جاءت في نقول متعدّدة ، وطرق مختلفة وصحيحة ۱ ، لتُشير إلى أنّ خلفاء النبيّ اثنا عشر خليفة .
تُطالعنا إحدى صيغ الحديث بالنصّ التالي : «لا يَزالُ الدّينُ قائِماً حَتّى تَقومَ

1.راجع على سبيل المثال : صحيح مسلم : ج۳ ص۱۴۵۱ ، باب ۳۳ «الناس تبع لقريش والخلافة في قريش» .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 375238
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي