الوفاء - الصفحه 3

4086 - الوَفاءُ

الكتاب :

(يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى‏ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) .۱

(وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى‏ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) .۲

(وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عَاهَدُوا) .۳

التّفسير :

يدلّ الكتاب كما ترى‏ من ظاهر قوله تعالى‏ : (أوْفُوا بالعُقُودِ) علَى الأمر بِالوفاء بِالعقود ، وهو بظاهره عامّ يشمل كلّ ما يصدق عليه العقد عرفاً ممّا يلائم الوفاء . والعقد هو كلّ فعل أو قول يمثّل معنَى العقد اللغويّ ، وهو نوع ربط شي‏ء بشي‏ء آخر بحيث يلزمه ولا ينفكّ عنه ، كعقد البيع الذي هو ربط المبيع بِالمشتري ملكاً بحيث كان له أن يتصرّف فيه ما شاء ، وليس للبائع بعد العقد ملك ولا تصرّف ، وكعقد النكاح الذي يربط المرأة بِالرجل بحيث له أن يتمتّع منها تمتّع النكاح ، وليس للمرأة أن تمتّع غيره من نفسها ، وكالعهد الذي يمكّن فيه العاهد المعهود له من نفسه فيما عهده وليس له أن ينقضه .
وقد أكّد القرآن في الوفاء بِالعقد والعهد بجميع معانيه وفي جميع معانيه وفي جميع مصاديقه ، وشدّد فيه كلّ التشديد ، وذمّ الناقضين للمواثيق ذمّاً بِالغاً ، وأوعدهم إيعاداً عنيفاً ، ومدح الموفين بعهدهم إذا عاهدوا في آيات كثيرة لا حاجة إلى‏ نقلها .
وقد أرسلت الآيات القول فيه إرسالاً يدلّ على‏ أنّ ذلك ممّا يناله الناس بعقولهم الفطريّة ، وهو كذلك ؛ وليس ذلك إلّا لأنّ العهد والوفاء به ممّا لا غنى‏ للإنسان في حياته عنه أبداً ، والفرد والمجتمع في ذلك سيّان ،

1.المائدة : ۱ .

2.الإسراء : ۳۴ .

3.البقرة : ۱۷۷ .

الصفحه من 8