49
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

التقليد في فروع الدين؟ وهل التقليد فيها كالتقليد في اُصول الدين غيرصحيح؟ أو يتفاوت معه؟
والجواب على هذا السؤال هو : أنّ التقليد في فروع الدين ليس صحيحا فحسب ، بل إنّه لواجب ضروري لمن هم ليسوا من أهل الرّأي في المسائل الفقهية ، ولا يتأتَّى لهم بدون مراجعة أهل الاختصاص في هذا الباب أن يؤدّوا أعمالهم على الوجه الذي تقتضيه العقائد الدينية .
وسؤال آخر هو : لماذا كان التقليد في اُصول الدين غير جائز عقلاً وشرعا على حين كان التقليد في فروع الدين لازما ضروريا؟ أو بعبارة اُخرى : إذا كان حكم العقل والقرآن والحديث يؤكّد صراحة على الإنسان أن لا يقبل نظرية الآخرين بدون معرفة وعلم واطّلاع ، وإذا كان التقليد في اُصول الدين غير جائز بدليل أنّه لا يكسب علما ، فلماذا كان التقليد في فروع الدين صحيحا بل واجبا؟! وإذا كان التقليد لا يكسب علما فالاُصول والفروع في ذلك سواء؛ فلماذا يقال إن التقليد في اُصول الدين غير صحيح ولكنه في الفروع صحيح؟! وأخيراً : لماذا يُرجَع إلى العقل في اُصول الدين ولا يكون ذلك بالنسبة لفروعه؟!

التقليد في فروع الدين حكمٌ عقلي

إنّ التقليد في فروع الدين هو في الحقيقة حُكمٌ عقلي .
فلنوضح ذلك في مثال : افترض أنك مريض أو لديك في البيت مريض وتريد أن تراجع الطبيب فبماذا يشير العقل؟ وماذا أنت فاعل إذاً؟
أمّا فيما يختصّ بالطبيب وما إذا كان متخصّصا ومبعثا للاطمئنان فإنّ العقل يقول : اذهب واستشر ذوي الخبرة والاطّلاع ممّن يوثق بهم ، ثمّ اذهب إلى الطبيب


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
48

حسبنا أن نتصوّر أنّه إذا كان بين أصحاب الإمام ـ المواكبين له المغمورين بفيض من النور والعلم والمعرفة والروح المعنوية ـ أفراد لم يكن في استطاعتهم أن يصدّقوا أنّ شخصيات ذات ماضٍ مشرّفٍ كطلحة والزبير على ضلالٍ في قتالهم عليًّا عليه السلام ، فما الذي يمكن أن يتوقّع ممّن عاصروا الإمام ولم يروه؟
ومهما كان ، فقد أجاب الإمام عن سؤال الحارث بكلام هو بحقّ كما قال طه حسين : «ليس هناك كلام أكثر إحكاما ورفعةً من هذا» . وقال : «لم يُسمَعْ كلامٌ بهذه العظمة منذ سكت الوحي وانقطع نداء السماء» .
أمّا جواب الامام عليه السلام فهو :
لا يُعرَفُ الحَقُّ بِالرِّجالِ ، اعرِفِ الحَقَّ تَعرِف أهلَهُ .۱
أي : أنّ اشتباه الأمر عليك وأمثالك هو أنك ـ بدلاً من أن تجعل الحقّ والباطل مقياسا وميزانا للشخصيات ـ اتّخذتَ الشخصيات معياراً للحقّ والباطل ، أتريد أن تعرف الحقّ بمقياس الأفراد؟! ولو أنك أجزت لنفسك أن تفكّر لعلمت أنّ الأمر على العكس تماما ، فالشخصيات ـ مهمّا بلغوا من التعيّن والثقة في الاعتماد عليهم ـ لا يمكن أن يكونوا معياراً لمعرفة الحقّ والباطل ، بل الحقّ والباطل ، هما معياران لمعرفة الشخصيات ، فاذا عرف الانسانُ الحقَّ فقد عرف أهله وإن لم تكن لهم سوابق ظاهرة أو صيت ذائع ، وإذا عُرِفَ الباطل تشخّص موالوه وإن كانوا من ذوي السوابق الطيّبة وعلى مقام من احترام الناس .

التقليد في فروع الدين

ثبت لدينا حتّى الآن أنّ التقليد في اُصول العقائد مذموم مردود في نظر العقل وفي رأي القرآن والحديث ، والسؤال الذي يمكن أن يتبادر إلى الذهن هنا هو : ما حكم

1.الطرائف : ص ۱۳۶ ح ۲۱۵ ، روضة الواعظين : ص ۳۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۰ ص ۱۲۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 234414
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي