4 ـ حاجة اليوم :
قد يظنّ البعض بأنّ الحاجة إلى علم غريب الحديث قد انتفت من بعد تأليف «مجمع البحرين» ، وبأنّ عصر تدوين كتب غريب الحديث قد انتهى ، إلاّ أنّ هذا الظنّ يميل إلى الضعف استنادا إلى ما مرَّ ذكرهُ ، وبناءً على نسبيّة مفهوم الغريب ؛ وذلك لأنّ الاُنس بالكلمات القديمة وفهم معانيها يتضاءل مع تقدّم الزمن ، ولأنّ الحديث كلّما اتّسع نطاق استخدامه بين الناس وازداد انتشاره بين المجتمعات البشريّة ، وكثر التساؤل عن معانيه ، تزداد إلى جانب ذلك المباحث اللغوية .
وبعبارة اُخرى ؛ ليست هناك ألفاظا جديدة تظهر إلى الوجود ، ولكن من الممكن أنّ المفردة التي كانت بالأمس متداولة معروفة وواضحة المعنى يترك استعمالها وتترك جانبا فيتراكم عليها غبار الغربة تدريجيّا إلى أن تصبح غريبة . ولوْ كُنّا نعتقد بالساعة اللغوية لقلنا إنّ شروحات وتفاسير غريب الألفاظ نفسها تحتاج من خلال تقادم الزمن إلى شرح وتبسيط ، ولابدّ من تقديم ترجمة لها تتناسب مع الزمن . وأخيرا لابدّ ـ ومن أجل صيانة المقصود الأصلي لصاحب النصّ وفهمه على الوجه الصحيح وعدم التأثّر بما لدينا من افتراضات وتصوّرات مسبقة ـ أن تُعطى المفردات معانيها من منظار قائلها إلى الحقائق وفي ضوء التراكيب التي استُخدمت تلك الألفاظ في صياغتها . وهذا يعني أحدث عمل في مجال تدوين غريب الحديث وهو العمل الذي قام به علماء غريب الحديث السابقين على نحو مبعثر ، وطُبّق عمليّا في الكتاب الذي بين أيديكم والذي يحمل عنوان «غريب الحديث في بحارالأنوار» وانتظمت فيه جهود العلاّمة المجلسي في هذا المضمار .
لقد فسّر العلاّمه المجلسي أثناء تدوينه لكتاب «بحارالأنوار» وشرحه للجوامع الروائيّة الشيعيّة مفردات كثيرة ، واستطاع عبر إتقانه المدهش للّغة ولكتب غريب الحديث ، وكذلك من خلال إحاطته بموارد استعمال تلك الألفاظ في الأحاديث الاُخرى ، أن يُقدّم تفسيرا للأحاديث بالأحاديث .
إنّ المبادرة إلى جمع كلّ هذه الألفاظ وتنسيقها وفق الترتيب الألفبائي ، وذكر المصادر