17
غريب الحديث في بحارالأنوار ج1

جانب الحجم الضخم للكتاب ، إذ أنّه يحتوي إضافة إلى الأحاديث ، على أسنادها ، والمتون المشابهة ، ومايماثلها من الاشتقاقات ، وهذا ماجعل جهود الحربي غير ناجحة . وعلى الرغم من أهمّية الكتاب الذي يتضمّن أحد مجلّداته فقط مايربو على ألف شاهد شعري إلاّ أنّه تُرك ، ولم يسلم من نوائب الدهر وحوادث التأريخ إلاّ المجلّد الخامس منه ، أمّا بقيّة الكتاب فلم يُعثر عليه حتى الآن .

3 ـ العهد الألفبائي :

مهّدت الجهود غير الناجحة التي بذلها الحربي ، الأرضيّة لحصول تطوّر أساسي في ترتيب الألفاظ الغريبة . وعلى الرغم من استمرار السير على طريقة تدوين المسانيد من بعده ، إلاّ أنّ علم غريب الحديث دخل في نهاية القرن الرابع ، ومع ظهور أبي عبيد آخر ـ أي أحمد بن محمّد الهروي ـ مرحلته الثالثة . فقد سأل أبوعبيد نفسه : ما الذي يبحث عنه من يراجع كتب غريب الحديث أو غريب القرآن؟ هل يبحث عن الأحاديث الغريبة ؟ وهل سند الرواية وطريقها مهمّ بالنسبة إليه أم لا ؟ وما الفرق عنده أن تكون المفردة الغامضة مرويّة عن ابن عباس أو أبى أبوهريرة ؟ ولماذا تأتي اللفظة الغريبة المرويّة في حديثين وعن راويين ، في موضعين؟!
وبعبارة اُخرى ؛ إنّ الغرض الأساسي من تصنيف كتب غريب الحديث هو معرفة المعنى والإعراب وهيئة المفردة الغريبة المستعملة في الحديث ، كما هو المتعارف في كتب اللغة تماما . وبالإضافة إلى ذلك ، كان لابدّ من جمع كل ماكُتب في غريب الحديث وتقديمه للمهتمّين جملة واحدة ؛ من أجل إغنائهم عن المراجعات المتعدّدة لكتب مختلفة .
ولغرض تلبية هذه الحاجة ، فقد جمع أبوعبيد الهروي كتبا متعدّدة من كتب غريب الحديث ؛ ومن جملتها كتب المؤلّفين الثلاثة الأوائل في هذا العلم ، وهم : أبوعبيد الهروي الأوّل ، وابن قتيبة الدينوري ، والخطابي البُستي . ووضع هذه الكتب الثلاثة إلى جانب كتب الحديث الاُخرى ، ثمّ وضعها كلّها إلى جانب كتب غريب القرآن ، وجمعها كلّها سويّة وألّف منها كتاب «الغريبين» ورتّب في كتابه هذا المفردات على أساس حروفها الأصليّة وفقا


غريب الحديث في بحارالأنوار ج1
16

الأحاديث التي تشتمل على ألفاظ غريبة .
كان هذا العالم على معرفة باحتواء هذين الكتابين على ماورد في الكتب التي سبقتهما ، ودفعه تواضعه العلمي إلى إقرار ما توصّلا إليه والاكتفاء بتفسير غريب الأحاديث التي لم تُشرح من ذي قبل . والمثير في الأمر أنّه استطاع العثور على أحاديث تحتاج إلى الشرح والتفسير بقدر ما فعله أبوعبيد وابنِ قتيبة ؛ وبهذا فقد جعل لعلم غريب الحديث ثلاث كتب متماثلة .
ولكن كانت هناك حاجة لخطوة اُخرى ، وهي تسهيل عمليّة المراجعة وإكمال طريقة الترتيب أو تغيير الاُسلوب المسندي ؛ وذلك لأنّ البحث عن لفظة غريبة واحدة كان يتطلّب من الباحث معرفة اسم راوي الحديث الذي تقع فيه تلك اللفظة ، من أجل العثور عليها في واحد من تلك الكتب . وبعبارة اُخرى ؛ كان عدم معرفة اسم راوي الحديث يستلزم صرف كثير من العناء والوقت من أجل العثور على معاني الكلمات الغريبة .
ولغرض سدّ هذا النقص ألّف إبراهيم بن إسحاق الحربي (198 ـ 285 هجريّة) كتابا كبيرا في غريب الحديث ، مزج فيه بين الاُسلوب الذي كان متداولاً في تدوين غريب الحديث ؛ أي الاُسلوب المسندي ، وبين اُسلوب علماء اللغة في تدوين المعاجم اللغوية ، وبدأ بجهدٍ فائق على هذا السبيل ، إلاّ أنّه لم ينجح في تلك الجهود . فقد اختار من بين طريقة الترتيب على أساس الحروف وبين الترتيب الموضوعي ، اُسلوبا يقوم على ترتيب الحروف على أساس مخارجها وتقليب ۱ المواد ، ورتّب الأحاديث التي تأتي في ذيل تلك اللفظة ترتيبا مسنديّا ولكن بما أنّه لم يكن من المحتّم وجود أحاديث لرواة مختلفين في ذيل الكلمات المقلوبة للمدخل الحروفي لذلك الفصل ، أو لعلّ الراوي الذي اُفرِد له ذلك الفصل لم يأتِ بحديث يشتمل على لفظة من تلك المادة ؛ لذلك اختلّ ترتيب الكتاب . وفضلاً عن ذلك فإنّ طريقة مخارج الحروف وتقليب المواد تتّسم بالصعوبة ، إلى

1.طريقة التقاليب عند اللغويّين هي قائمة على تصنيف الحروف حسب مخرجها من الحلق ؛ فأوّل الحروف فيه هي حروف الحلق ثمّ الأقرب فالأقرب ، وتوضع الكلمة في أوّل باب يعترضها فيه حَرفُه ، ثمّ تُقلب الكلمة فيما بعد ويُبيّن المُهمل فيها والمستعمل .

  • نام منبع :
    غريب الحديث في بحارالأنوار ج1
    المساعدون :
    مركز بحوث دارالحديث
    المجلدات :
    4
    الناشر :
    مؤسسة الطباعة و النشر وزارة الثقافة و الارشاد الاسلامی
    مکان النشر :
    تهران
    تاریخ النشر :
    1420 ق/ 1378 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86474
الصفحه من 462
طباعه  ارسل الي