مع الكليني، و كتابه « الكافي » - الصفحه 204

واضح لمن راجع خطبة الكافي، بل وفيها التصريح بعجز العقل عن إدراك جميع الأحكام، وأنّ المدرك منها ما هو إلّا أقلها.
السادس: إنّ سهل بن زياد نفسه، كان من مشهوري الرواة، ومنهجه روائي بحت كما تشهد عليه كتب الحديث، وليست له آراء عقلية في مرويّاته، حتى يُدّعى تأثّره بالمنهج العقلي، كما أنّ انتقاء ه لمرويّاته وإنْ عبّر عن منهجه، إلّا أنّ مرويّاته في الكافي لم تنحصر باُصوله التي ردّت على الأفكار والاتّجاهات السائدة في ذلك العصر، وإنّما كان جلّها في الأحكام الشرعية الفرعيّة التي لا تختلف بكثير أو قليل بين روّاد مدرستي قُم وبغداد؛ لأنّها من الاُمور التوقيفيّة التي لا دخل للآراء العقلية في صياغتها، على أنّ الطريق إلى مرويّات سهل في الكافي لم يكن إلّا عبر مشايخ القميين والرازيين كما تقدّم. كما ان الشيخ الطوسي لم يرو كتابه الا عن مشايخ قم وحدهم، بل لم يقع في طريقه إليه غيرهم ۱ ! وأمّا كتابه النوادر، فقد عُرِف من طريق ابن قولويه القمِّي ۲ .
وأمّا عن شُبْهة الغُلُوّ وعلاقة ذلك بالجوانب العقلية، فإنّها لم تثبت بحقّه، وأحاديثه خير شاهدٍ على براء ته منها، إذ ليس فيها ما يُشمُّ منه رائحة الغُلوّ. هذا فضلاً عن توسّع القميين في معنى الغلوّ، وتسرّعهم في تطبيقه على مصاديق ليست في شي ء منه.
وعوداً على بدءٍ نقول:
زار الكُليني المراكز العلمية في العراق بعد أن اتّخذ بغداد قاعدة لانطلاقه منها إلى المراكز العلمية الاُخرى سواء كانت في العراق أو الشام أو غيرها.
فقد حدّث عن مشايخ الكوفة، كابن عقدة، وابن معمر، والرزّاز، وحُميد بن

1.فهرست الشيخ الطوسي: ۸۰ / ۳۲۹.

2.رجال النجاشي: ۱۸۵ / ۴۹۰.

الصفحه من 264