مع الكليني، و كتابه « الكافي » - الصفحه 238

بينهما اختلافاً جذرياً بحيث لا يمكن أن يُقاس أحدهما بالآخر؛ لأنّ طلب الولد عن طريق الدعاء المستجاب انحصر ـ بناء على رغبة الطالب وهو الصدوق الأوّل ـ بالإمام المعصوم، وليس الحال كذلك في تقييم كتب الحديث، لإناطة ذلك إلى أهل العلم القادرين على معرفة الصحيح من الأخبار.
ومن كل ما تقدّم يعلم أنّ الاغترار بحكاية «الكافي كاف لشيعتنا» وتصحيحها أو تلطيفها لا يستند على أيّ دليل علمي، بل جميع الأدلّة المتقدّمة قاضية ببطلان تلك الحكاية التي لم يسمعها الكليني نفسه، ولم يعرفها أحد من تلامذته، ولم يكن لها وجود في عصر الغيبة الصغرى (260-329هـ ) ولم يعرفها أحد ولا سمع بها أحد في أكثر من سبعة قرون بعد وفاة الكليني، لأنّ أوّل من نسبت إليه ـ ولم ينسبها إلى كتاب، أو يسندها إلى راو قط ـ هو الشيخ خليل بن غازي القزويني (ت/ 1089هـ )، وقد يكون سمعها من بعض مشايخ عصره، لما سيأتي من انكار الاسترابادي لها، وهو قد مات قبل القزويني بأكثر من خمسين عاماً، فأشاعها من غير تدفيق ولا تحقيق.
هذا، وقد صرّح معاصروه بأنّه كانت له أقوال غريبة وشاذّة تفرّد بها عن سائر علماء الشيعة، وأنّ من أغرب أقواله وأعجبها قوله: «بأنّ الكافي بأجمعه قد شاهده الصاحب عليه السّلام واستحسنه» ۱ ونحو هذا من الكلام الذي لم يسمع به أحد من قبله.
ولهذا تجد معاصريه ومَنْ تأخّر عنه قد أنكروا عليه ذلك أشدّ الإنكار، ولم يؤيّده فاضل قط، ويكفي أنّ المحدّث النوري (ت/ 1320هـ ) ـ وهو من أشهر المتتبّعين للتراث الشيعي ـ لم يجد أثراً لهذا القول: «الكافي كافٍ لشيعتنا» في مؤلّفات الشيعة، فقال ما هذا نصّه: «فإنّه لا أصل له ولا أثر له في مؤلّفات أصحابنا، بل

1.رياض العلماء ۲ : ۲۶۱، وروضات الجنات ۳ : ۲۷۲.

الصفحه من 264