مع الكليني، و كتابه « الكافي » - الصفحه 186

وبالجملة، فإنّ كتب الحديث الأربعة المعروفة (الكافي، والفقيه، والتهذيب، والاستبصار) قد سُبقت بتراث حديثيّ شيعيّ ضخمٍ اشتركت في بنائه نخبة من ثِقات أصحاب الأئمة عليهم السّلام ، ابتداءً من عهد أمير المؤمنين عليه السّلام ، وانتهاءً بوفاة الإمام العسكريّ سنة (260هـ ) عليه السّلام . وقد أحصى الحرّ العاملي ذلك التراث فوجده أكثر من ستة آلاف وخمسمائة كتاب ۱ . وقد وصل بعض هذا التراث إلينا وفُقِدَ معظمه على أثر الظروف القاسية التي مرّ بها أهل البيت عليهم السّلام وشيعتهم، والتي توّجت على يد الطغاة بحرق مكتباتهم العظمى في بغداد ومصر في عصري السلاجقة والأيوبيين.
ولعلّ الذي يخفّف من وطأة ضياع معظم تلك المدوّنات بما في ذلك أغلب الاُصول الأربعمائة، هو أنّ محتوياتها ظلّت محفوظةً في كتبنا الحديثيّة المعتمدة، وعلى رأسها كتاب الكافي لثقة الإسلام الكُلينيّ الذي عُقد هذا البحث لأجله وكتابه، لكي نقف على منزلة الكليني ومكانته العلميّة، ومزايا الكافي، والمنهج المتّبع فيه، مع ما يتّصل بهما من اُمور اُخرى على النحو الآتي:

الحياة السياسية والعلمية في عصر الكليني:

عاش الكُليني في مركزيْنِ مرموقَيْنِ من مراكز العلم والدين في عصره، وهما: الريّ أوّلاً، وبغداد أخيراً.
وفي الري تلقى علومه الاُولى وثقافته إلى أن صار شيخ الشيعة في الريّ ووجههم.
وفي بغداد انتهت إليه رئاستهم في عهد المقتدر بالله العباسيّ (295-220هـ )، وأصبح فيها القطب الذي تدور حول محوره رحى أحاديثهم.

1.وسائل الشيعة ۳۰ : ۱۶۵، الفائدة الرابعة من الخاتمة.

الصفحه من 264