زياد الكوفي نزيل سوراء، ثمّ انتقل إلى نينوى (قرية قرب الحائر الحُسيني) وبقي فيها إلى أن مات سنة 310هـ بلا خلاف من أحد، ولم تعرف له رحلة إلى الري وقُم حتى يحتمل لقاء الكُليني معه خارج الكوفة بل سوراء. وهذا دليل واضح على أنّ مُغادرة الكليني الريّ ليست كما يتصوّره البعض فيزعم أنّه دخلَ بغداد في السنوات الأخيرة من عمره وبالضبط في سنة 327هـ اعتماداً منه على إجازة الكليني رواية مصنّفاته لتلميذ أبي الحسين عبد الكريم بن عبد الله بن نصر البزاز ببغداد في تلك السنة على ما جاء في مشيخة التهذيب ۱ وفهرست الشيخ ۲ .
وأي علاقة بين تاريخ منح الإجازة العلميّة في بلدٍ كبغداد لشخص في رواية مسموعاته، وبين معرفة زمان دخول المانح إلى بغداد نفسها؟
وكيف نفسّر لقاءَ ه مع مشايخ الكُوفة، وسوراء، الذين حدّث عنهم وفيهم مَنْ مات سنة (310هـ ) مع القول بعدم دخوله العراق إلّا في أواخر حياته؟ بل كيف يجتمع سفره إلى مكّة المكرّمة، والشام دون المرور بالعراق ـ إن لم تكن بغداد منطلقه إليها ـ بسنة واحدة هي سنة (327هـ )، هذا مع انعدام واسطة السفر السريع في عصره، وكون تقلبه في تلك الأمصار لغاية علمية، ممّا يتطلّب المكوث في كل مركز زمناً؟
فقد ذكر ابن عساكر الدمشقي (ت/ 571هـ ) في تاريخ دمشق، أنّ الكليني قدم إلى دمشق، وحدّث ببعلبك ۳ .
كما ذكر الكليني نفسه ما يدلّ بوضوح على وصوله إلى الحجاز فقد قال في باب مولد النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم ما نصّه: «وُلِدَ النبي صلّى الله عليه و آله و سلّم لاثنتي عشرة ليلة مضت من
1.تهذيب الأحكام ۱۰ : ۲۹ من المشيخة.
2.فهرست الشيخ الطوسي : ۱۳۵ / ۵۹۱.
3.تاريخ دمشق ۱۶ : ۱۳۷.