كأنّ البخاريَّ في جمعه-تلقّى من المصطفى ما اكتتب!!! ۱
هذا مع أنّ بعض ما اكتتبه البخاري كان من رواية عمران بن حطان، وعكرمة، وإسماعيل بن أبي اُويس، وعاصم بن عليّ، وعمرو بن مرزوق، وسُويد ابن سعيد وعشرات من نظائرهم الذين عرفوا بأسوأ ما يعرف به الرواة.
نعم، لم يقلْ أحد من الشيعة بنحو هذه الأقوال بشأن الكافي.
وإذا كان الاسترابادي الأخباري رامَ أنْ يجعل كلّ أحاديث الكافي قطعيّة الصدور بقرائن لم تنهض بمدّعاه، فقد ردّه محقّقو الشيعة وأثبتوا بطلان هذه الدعوى، ويكفي أنّ من جملة الرادّين عليه هو خاتمة المحدّثين وشيخ الأخباريين العلّامة النوريّ (ت/ 1320هـ ) ۲ .
ولم يذهب أحد إلى القول بأنّ الكليني لم يخرج الحديث إلّا عن الثقة، عن مثله في سائر الطبقات، بل غاية ما يُستفاد من كلامهم، هو أنّ أخبار الكافي مستخرجة من الاُصول المعتبرة التي شاعَ بين قدماء الشيعة الوثوق بها والاعتماد عليها، إذْ كانت مشهورة معلومة النسبة إلى مؤلّفيها الثقات الأثبات.
كما أنّ إعراض الفقهاء عن بعض مرويّات الكافي، لا يدلّ على عدم صحّتها عندهم، ولا ينافي كون الكافي من أجلّ كتبهم، إذْ ربّ صحيحٍ لم يُعمل به لمخالفته المشهور، وقد يكون وجه الإعراض لدليل آخر وعلّة اُخرى لا تقدح بصحّة الخبر.
وإذا ما عدنا إلى معنى «الصحيح» عند متقدّمي الشيعة وعرفنا المصطلح الجديد فيه، علمنا أنّ الكليني رحمه الله لم يَجْرِ في الكافي إلّا على متعارف الأقدمين في إطلاق الصحيح على كلّ حديثٍ اعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه، أو اقترنَ بما
1.ارشاد الساري ۱ : ۳۰.
2.خاتمة مستدرك الوسائل ۳ : ۵۳۳ الفائدة الرابعة.