هذا مع تصريحه في آخر الزيارة بأنّها من رواية الحسن بن راشد ۱ ، علماً بأنّ للصدوق طريقين إلى ما رواه عن الحسن بن راشد ووقع في كليهما القاسم بن يحيى ۲ وبهذا يكون خبر الكافي صحيحاً من طريق الرواية على مبنى الصدوق، وبالتالي فهو غير دالّ على نفي دعوى الاطمئنان، بل لعلّه يُفيدها بتقريبين: أحدهما عدم درك ابن الوليد لخبر الكافي، خصوصاً وأنّه لم يرو عن الكليني ولا الكليني عنه في جميع أجزاء الكافي مع المعاصرة بينهما فضعّف الخبر من غير طريق الكافي، وتابعه الصدوق، والآخر: تثبّت ثقة الإسلام في الرواية، إذ تجنّب رواية الخبر من الطريق الضعيف بالهمداني.
وأمّا عن إقدام الصدوق على تأليف كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه حين طلب منه ذلك الشريف نِعْمة، كما مُبيّن في خطبة الكتاب، وعدم إرجاع السائل إلى الكافي، فلا يدلّ على الطعن بكتاب الكافي مطلقاً؛ لأنّ تأليف الفقيه كان بمنزلة تأليف رسالةٍ فقهيّةٍ عمليةٍ تعتمد على نصوص الأخبار، ولا يجوز للمرجع الديني ـ كالصدوق مثلاً ـ أنْ يُحيل السائل لإنجاح بُغيته في الوقوف على الأحكام الفقهيّة إلى كتاب حديثي واسع كالكافي. ومن هُنا نُشاهد أنّ أحاديث كتاب الفقيه لم تبلغ أكثر من خمسة آلاف وتسعمائة وحديثين، بينما اشتمل فروع الكافي على أحد عشر ألفاً وأربعمائة وحديثين بحسب ترقيم الأحاديث في طبعات الكافي، هذا مع وجود أحاديث كثيرة اُخرى في فروع الكافي لم ترقّم في تلك الطبعات.
وإلى هنا يتّضح أنّ الاستدلال بمواقف الصدوق من الكافي جملةً أو تفصيلاً على نفي دعوى الاطمئنان والوثوق بأخبار الكافي غير تامّ.
1.من لا يحضره الفقيه ۲ : ۴۴۲ / ذيل الحديث ۱۶۱۵.
2.من لا يحضره الفقيه ۴ : ۴۲۶-۴۲۷، من المشيخة.