مع الكليني، و كتابه « الكافي » - الصفحه 244

غير جائز، فليس بصحيحٍ؛ لأنّ مصنِّف هذه الكتب قد أفادنا بتصنيفها وحصرها وترصيفها ... وأحالنا في معرفة صحّتها وفسادها على النظر في الأدلّة، ووجوه صحّة ما سطّره في كتابه ... لأنّ مَنْ لم تجمع له هذه المسائل حتّى ينظر في كلّ واحدة منها، ودليل صحّتها تعب وطال زمانه في جمع ذلك، فقد كفى بما تكلّف له من جمعها مُؤْنة الجمع، وبقي عليه مُؤْنةُ النظر في الصحّة أو الفساد.
وما زالَ علماء الطائفة ومتكلّموهم يُنكرون على عوامِّهم العمل بما يجدونه في الكتب من غير حجّة مشافهة ... فكيف يقال: أنّ النكير غير واقع، وهو أظهر من الشمس الطالعة؟ ـ إلى أن قال ـ : ولا اعتبار بعوامّ الطائفة وطغامهم، وإنّما الاعتبار بالعلماء المحصّلين» ۱ .
وللسيّد المرتضى كلام أوضح من هذا بشأن الكافي على وجه الخصوص، قالَ قدّس سرّه وقد سألهُ بعضهم عن حديث الكافي المرويّ في كتاب التوحيد، باب حدوث العالم وإثبات الُمحْدِث ۲ ، ما نصّه: «وهذا الخبر المذكور بظاهره يقتضي تجويز المحال، المعلوم بالضرورات فساده وإنْ رواه الكلينيّ رحمه الله ، فكم روى هذا الرجل وغيره من أصحابنا رحمهم الله في كتبهم ما له ظواهر مستحيلة أو باطلة!».
وعلى الرغم من محاولته تأويل الخبر، ووصف ظاهره بالخُبْث، إلّا أنّه لم يستبعد وضعه ۳ .
وأمّا عن موقف الشيخ الطوسيّ (ت/ 460هـ ) من أحاديث الكافي، فيقرِّبهُ قوله في أوّل التهذيب: «ومهما تمكّنت من تأويل بعض الأحاديث من غير أنْ أطعنَ في إسنادها؛ فإنّي لا أتعدّاه، وأجتهد أنْ أرويَ في معنى ما أتأوّل الحديث عليه

1.رسائل الشريف المرتضى / المجموعة الثانية، جوابات المسائل الرسيّة، المسألة الخامسة : ۳۳۱.

2.اصول الكافي ۱ : ۶۲ / ۴.

3.رسائل الشريف المرتضى / المجموعة الاُولى، جوابات المسائل الطرابلسيات الثالثة، المسألة : ۱۳ ص۴۱۹.

الصفحه من 264