تحمل الحديث بالإجازة واجبٌ مُلحٌّ في العصر الحاضر - الصفحه 29

بكون الشخص راوياً للحديث ، لا لجواز عمله بالرواية.
وهذا مراد كثير من الأعلام ، الذين يظهر منهم إطلاق القول بعدم الحاجة إلى الإجازة ، وأنّها للتيمّن والتبرّك باتّصال الإسناد.
يعني: أنّ الإجازة لا يُحتاج إليها للعمل بالأحاديث المرويّة في كتبنا ـ اليومَ ـ المعلوم لنا مؤلّفوها الثقات ، ولو بغير التواتر من سائر الأمارات.
ولكنّها محتاج إليها في اتّصال السند ، حتّى تخرج الرواية بسببها عن عداد المرسلات ، ويوسم حاملها ـ لغةً ، وعرفاً واعتباراً ـ بسِمة الرواة ، ويتزيّا بزيّ الحجج والقضاة ، ويتهيّأ للدخول في زُمرة خلفاء الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم ، كما نطق ب ه لسانُ الأخبار.
ولتوقّف صدق الرواية ، وتحقّق صحّة الإسناد في اللغة والعرف والاعتبار ـ في غير الكتب المتواترة النسبة إلى مؤلّفيها ـ على تحمّل الرواية عن المؤلّف بإحدى طرق التحمّل ـ ولو بالإجازة ـ نرى جريان سيرة الأصحاب ـ عملاً ـ على التحمّل بإحدى الطرق ، ولو ب الإجازة ، من الصدر الأوّل ، إلى الساعة ، بسيرةٍ سائرةٍ في كلّ خلفٍ عن السَلَفِ.
حتى تحمّل كثير منهم ـ في تحمّل الطرق ـ الأعمال الثقال ، ومشاقّ الاغتراب والأسفار ، مع ما فيها من الأخطار والأهوال ، وما يلزمها من صرف العمر وبذل المال.

[المستجيز]

وممّن اقتدى بالسَلَف الصالح ، واقتفى الأثر الراجح ، فتغرّب عن وطنه وأهله ، وتقرّب إلى الله بهجرته عن مسكنه ورحله ، فجاب البلاد طالباً لأعالي الإسناد إلى سادة العباد ، وجدّ في الطلب حتّى وَجَدَ ، واجتهد في تحصيل المطلب حتّى نَقَدَ ، بذل السعيَ ف ي هذا السبيل ، وأعمل الفكر في الوصول إلى المقصد الجليل ، ففاز بسعادتي

الصفحه من 29