إلى أسير بن جابر ، قال: كان بالكوفة رجل يتكلّم بكلام لا أسمع أحداً يتكلّم به ففقدته ، فسألت عنه ، فقالوا: ذاك أويس. فاستدللت عليه وأتيته فقلت: ما ح بسك عنّا؟ قال: العري ، قال: وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه ، قلت: هذا برد ، فخذه. قال: لاتفعل ، فإنّهم إذاً يؤذونني. فلم أزل به حتى لبسه. فخرج عليهم ، فقالوا: من ترون خدع عن هذا البرد؟ قال: فجاء ، فوضعه. فأتيت فقلت: ما تريدون من هذا الرجل ، فقد آذيتموه ، الرجل يعرى مرّة ، ويكتسى أخرى ، وأخذتهم بلساني ، فقضى أنّ أهل الكوفة وفدوا على عمر ، فوفد رجل ممّن كان يسخر به ، فقال عمر: ما هاهنا رجل من القرنيين؟ فقام ذلك الرجل ، فقال عمر: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و سلّم قال: «إنّ رجلاً يأتيكم من اليمن ، يقال له: أويس ، لايدع باليمن غير أمٍّ له ،قد كان به بياض ، فدعا الله ، فأذهبه عنه إلّا موضع الدرهم ، فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم». قال عمر: فقدم علينا هاهنا. فقلت: ما أنت؟ قال: أنا أويس. قلت: من تركت باليمن؟ قال: أمّاً لي ، قلت: هل كان بك بياض فدعوت ا لله فأذهبه عنك؟ قال: نعم. قلت: استغفر لي. قال: يا أمير المؤمنين يستغفر مثلي لمثلك؟! قلت: أنت أخي لاتفارقني. فانملس منّي ، فأنبئتُ أنّه قدم عليكم الكوفة. قال: وجعل الرجل يحقّره عمّا يقول فيه عمر. فجعل يقول: ما ذا فينا ، ولا نعرف هذا. قال عمر: بلى ، إنّ ه رجلٌ كذا ، فجعل يضع من أمره ، فقال: ذاك رجل عندنا نسخر به ، يقال له: أويس؟ قال: هو هو ، أدرك ولا أراك تدرك. فأقبل الرجل حتّى دخل عليه من قبل أن يأتي أهله ، فقال أويس: كانت هذه عادتك ، فما بدا لك؟ أنشدك الله ، قال: لقيت عمر فقال كذا ، وقال كذا ، فاستغف ر لي ، قال: لا أستغفر لك حتى تجعل لي عليك أن لاتسخر بي ، ولا تذكر ما سمعت من عمر إلى أحدٍ ، قال: لك ذاك ، قال: فاستغفر له. قال أسير: فما لبث أن فشا حديثه بالكوفة ، فأتيته فقلت: يا أخي ، ألا أراك أنت العجب وكنّا لا نشعر! قال: ما كان في هذا ما أتبلغ به إلى الناس وما يجزى كلّ عبد إلّا بعمله. فلمّا فشا الحديث هرب فذهب. ورواه أبو أسامة عن