البلاغات من أساليب الأداء للحديث الشريف في التراث الإسلامي - الصفحه 35

و «بلغ به زرارة» ۱ .
ولا ريب أنّ المقصود ـ هنا ـ معناها اللغوي بمعنى «رفع» ونحوه.
وأكثر ما استعمله من العامّة هو مالك بن أنس ـ صاحب «الموطّأ» ـ حتّى اشتهرت موارده بـ : «بلاغات مالك».
ويقال في التعبير عنه عند الأداء: «قال في ما بلغه» أو «رواه بلاغاً».
والفعل «بَلَغَ» بمعنى وَصَلَ ، وفاعله الحديث البالغ إلى الراوي ، والمجرور بـ «عن» هو المبلَّغ عنه ، وأمّا المبلِّغ فهو غير مذكور في ظاهر اللفظ ، فيكون الحرف« عن» بمعنى «التجاوز» على ما هو الأصل فيه ، والمعنى: أنّ الحديث تجاوزفلاناً وبَلَغني ، وا لواسطة في النقل عنه إلى الراوي غير مذكورة.
هذا ما استظهره المحدّثون من البلاغ ، وحملوا عليه بلاغات مالك بالخصوص.
والدليل على هذا الاستظهار أُمور:

1 ـ قال المارديني:

ما ذكره أبو عبيدة بلاغ لم يُذكر مَنْ بلّغه ليُنظر في أمره ۲ .

2 ـ تعبيرهم عن المرسَل وغير المتّصل بـ «البلاغ»:

قال البيهقي في حديثٍ رواه أبو بكر ابن حزم: لم يسمعه من ابن مسعودالأنصاري ، وإنّما هو بلاغ بلغه ، وقد روي ذلك في حديث آخر مرسَل ۳ .
وقال ـ أيضاً ـ في حديثٍ لابن سيرين وقتادة عن ابن عبّاس: هذا بلاغ بلغهما ، فإنّهما لم يلقيا ابن عبّاس ۴ .
ونقله المارديني عن البيهقي في الخلافيّات ، في حقّ ابن سيرين عن ابن عبّاس.

3 ـ حكمهم على ما أورده مالك بلاغاً ، بالإرسال ـ تارةً ـ وبالانقطاع ـ

1.المحاسن ۲/۴۶۵.

2.الجوهر النقي ۸/۳۱.

3.السنن الكبرى ۱/۳۶۲.

4.السنن الكبرى ۱/۲۶۶ والجوهر النقي ۱/۲۶۶.

الصفحه من 43