البلاغات من أساليب الأداء للحديث الشريف في التراث الإسلامي - الصفحه 39

الفلّاني إنّ ابن الصلاح وصل بها هذه الأحاديث ، فلا يستطيع أهل العلم بالحديث أن يحكموا باتصالها إلّا إذا وجدت الأسانيد وفحصت ، حتى يتبيّن إن كانت متّصلةً أو لا؟ صحيحةً أولا ؟؟ ۱
وأقول: وحتّى لو تبيّن اتّصال الأحاديث من طرق أُخرى فإنّما يفيد ذلك اعتبار المتون ، ولا يدلّ على كون البلاغات ـ نفسها ـ متّصلةً عند مالك نفسه!
والفرق بين الأمرين واضح ، فإنّ صحّة المتن لا يستلزم اتّصال البلاغ . ولعلّ هذا هو غرض ابن عبدالبرّ من قوله: «مسندة من غير طريق مالك».
فإنّ البحث عن خصوص طريق مالك إلى ما روى ، لا عن طرق الآخرين!
مضافاً إلى أنّ نفس المحاولة دليل على «انقطاع البلاغ» فلو كان في نفسه متّصلاً ، لم يحتج إلى الطرق الأُخرى.
مضافاً إلى أنّ تلك المحاولة إنّما تفيد من يحتاج إليها ، لكونه لا يقول بحجّيّة المرسَل والمنقطع ، كمانسب إلى ابن عبدالبرّ ، وليس مفيداً حتّى لمالك نفسه ، إذ هو يذهب إلى حجّيّة المرسَل ۲ .
فالمحاولة لإثبات اتّصالها عند مالك يائسة!
وكذلك محاولة من قال: «إنّ بلاغات الثقات من أهل القرون الثلاثة مقبولة ، مطلقاً ، كمالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، ومحمّد بن الحسن ، وأبي يوسف ، وأمثالهم» ۳ .
فمع كون الدعوى خارجة عن البحث؛ لأنّ قبول الحديث وعدمه شي ء ، وكونه منقطعاً شي ء آخر ، فهذه الدعوى تعود إلى قبول المنقطع ، ولا تثبت اتّصال البلاغ.

1.الموطّأ ـ المقدّمة ـ ۱/دال ،

2.لاحظ: علوم الحديث ـ لابن الصلاح ـ: ۵۵.

3.قواعد في علوم الحديث ـ للتهانوي ـ: ۱۶۳.

الصفحه من 43