البلاغات من أساليب الأداء للحديث الشريف في التراث الإسلامي - الصفحه 40

فهي دعوى باطلة ، لا يرتضيها من قيلت في حقّه ، فقد عرفنا أنّ الشافعي ـ وهو ممّن ذُكر اسمه ـ لم يقبل بعض البلاغات ، وحكم بعدم كونه موصولاً.
فهذا أشبه بتفسير الشي ء بما لا يرضى به صاحبه.
ومنها: محاولة إخراج البلاغات من الحديث الضعيف وإدخالها في الحديث الصحيح:
كما قال الزرقاني في شرح الموطّأ: إنّ بلاغ مالك ليس من الضعيف؛ لأنّه تُتُبِّـعَ كلّه فوُجِدَ مسنداً من غير طريقه ۱ .
فهذا يشبه محاولة إيصال البلاغات التي أجهد ابن عبدالبرّ به نفسه ، وقد أجبنا عنه.
مع أنّ وجدان الطرق المسندة من غير طريق مالك ، لا تنفع في الحكم على طريقه .
فهب أنّ طرقاً أُخرى مسندة صحيحة ، لكنّ مالكاً كيف يتّـكل على البلاغات أنفسها التي لم تصله إلّا بالطرق الضعيفة؟!
وقد أوغل أخيراً الأُستاذ محمّد فؤاد عبدالباقي في التعصّب لمالك وبلاغاته في ما علّقه على قول مالك: «وقد بلغني أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم أراد العكوف...» ، فقال: هو الحديث الذي أسنده أوّلاً صحيحاً ، فمن هنا ونحوه يُعلَم أنّه لا يطلق «البلاغ» إلّا على الصحيح ، ولذا قال الأئمّة: «بلاغات مالك صحيحة» ۲ .
أقول:
أمّا هذا البلاغ فهو مرسَل مقطوع ، قطعاً؛ لأنّ بين مالك وبين رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم

1.قواعد في علوم الحديث: ۱۶۴.

2.الموطّأ ۱/۳۱۷.

الصفحه من 43