البلاغات من أساليب الأداء للحديث الشريف في التراث الإسلامي - الصفحه 41

وسائط ، ليست مذكورة في سند هذا البلاغ ، فهو ليس مسنداً هنا؛ حتّى لو قيل بكون البلاغات المعنعنة متّصلة.
وأمّا الحديث الأوّل المسنَد فهو ليس بلاغاً ، وتطابُق البلاغ هنا مع المسند الأوّل في المعنى والمتن ، لا يدلّ بوجهٍ على اتّصال سند البلاغ الذي جاء بلا طريق مسند إلى المتن.
مع أنّك قد عرفت أنّ صحّة المتن من طرق أُخرى لا تعني صحّة البلاغ المرسَل أو المنقطع أو المعضل ، ولا يصحّ تسميته «صحيحاً» لذاته.
وقد عرفت أنّ وجود هذه البلاغات المرسَلة في «الموطّأ» هو الذي سبّب الإعراض عن عدّ «الموطّأ» من الصحاح.
وأمّا ما نسبه إلى الأئمّة ، فقد عرفت أنّ منهم مَن حكم بإرسال بلاغات مالك ، أو انقطاعها ، بل إعضالها ، ومنهم الشافعيّ إمام المذهب ، وابن حزم ، فالنسبة المذكورة ـ بلا ريب ـ باطلة.
ومن الطريف أنّ ابن الصلاح قال ـ في نهاية بحثه عن الحديث الضعيف ـ مانصّه:
إذا أردت رواية الحديث الضعيف ـ بغير إسنادٍ ـ فلا تقل فيه: «قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ... وإنّما تقول فيه: رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ... ، أو: بلغنا عنه... ، أو: ورد عنه ، أو: جاء عنه...» ۱ .
فليكن عمل مالك على هذا في بلاغاته.
كما قد قيل: إنّه أخذها من ابن إدريس ۲ الذي لم يجر له ذِكر في أسانيد بلاغاته إطلاقاً ؟؟!

1.علوم الحديث: ۱۰۳ ـ ۱۰۴.

2.تهذيب التهذيب ۵/۱۴۵.

الصفحه من 43