مراسيل ابن أبي عمير بين القبول و الردّ - الصفحه 89

هذا ، وأمّا قول الشيخ بهاء الدين العاملي رحمه الله في (الوجيزة) : وقد يُعلم من حال مرسِله عدم الإرسال عن غير الثقة ، فينتظم حينئذٍ في سلك الصحاح كمراسيل محمد بن أبي عمير رحمه الله .
وقال : وروايته أحياناً عن غير الثقة لا يقدح في ذلكَ ـ كما يظنّ ـ لأنّهم ذكروا أنّه لا يُرسل إلّا عن ثقة ـ ، لا أنّه لا يروي إلّا عن ثقةٍ (انتهى) .
فإنّه لا يرد عليهِ الإشكال المذكور .
لكنّه عجيبٌ جدّاً ، مخالفٌ لظاهر معقد الإجماع المحكيّ في (العدّة) و (الذكرى) و (وصول الأخيار) ـ لوالده ـ مخالفةً لا تُحتمل ، إذ أنّهم نصّوا على أنّ ابن أبي عمير لا يروي ولا يُرسل إلّا عن ثقةٍ ، ولم يقتصروا على ذكر عدم إرساله عن غير الثقة .
وشتّان بين هذا وبين ماذهبَ إليهِ بعضهم من أنّ ظاهر عبارة الشيخ رحمه الله أنّ ابن أبي عمير لا يروي إلّا عن ثقةٍ ، لا أنّه لا يُرسل إلّا عن ثقةٍ .
والصواب الذي لا محيد عنه هو لزوم اعتبار الأمرين معاً ليتمّ إثبات حجّية مراسيل ابن أبي عمير ، لأنّ القول بحجّية مراسيله فرع على القول بعدم روايته عن غير الثقات وفي طوله :
وذلكَ لما ظهر من كلام الشيخ رحمه الله من أنّ ملاك حجّية مراسيل ابن أبي عمير إنمّا هو كونه معلوم التحرّز عن الرواية عن غير الثقة ، فلمّا تحقّق ذلكَ عُلمَ أنّ ماأرسله من الأحاديث لم يكن إلّا من تلكَ الصحاح المسندة ، وإنمّا طرأ لها الإرسال بعدُ ، ولذلكَ نظمها الأصحاب في سلك الصحاح .
ثمّ رأيت أنّ المحقّق الداماد رحمه الله قد ذكر ذلكَ في الراشحة السادسة عشر من ( الرواشح السماويّة ) ۱ فقال : مراسيل ابن أبي عمير تعدُّ في حكم المسانيد ، لما ذكره الكشّي أنّه حُبس بعد الرضا عليه السّلام ونُهب ماله وذهبت كتبه ، وكان يحفظ أربعين جلداً ، فلذلكَ أرسل أحاديثه .

1.الرواشح السماويّة : ۶۷ .

الصفحه من 93