عناوين الأبواب و تراجمها في التراث الإسلامي - الصفحه 71

فلسائل أن يقول : إذا كان البخاري لم يثبت عنده حديث بشرطه في معنى الترجمة ، فمن أين جاء بهذه الترجمة التي تحتوي على الأحكام الشرعية؟
معَ أنّ هذا التوجيه يخالف الأبواب التي لم يترجم لها بل اقتصر فيها على كلمة «باب» فهل قصر فهمه عن مدلولها كما هو المذكور في بعض التوجيهات الآتية؟ فكيف يلائم هذا ذلكَ التفخيم والترفيع لشأن البخاري وكتابه ؟!
وأمّا ماذكره أخيراً من أمر الناسخ للكتاب ، فهو تكرار للمشكلة وتأكيد على الانتقاص ، وليس حلّا له .
2 ـ وقد اعتقد قوم : أنّ الكتاب ترك بلا تبييض ، فوقعَ فيهِ هذا الخلط ۱ .
3 ـ وبعضهم اعتقد التقصير في فهم البخاري وعلمه ۲ .
ذكروا أنه لم يميّز ألفاظ الرواة ولم يحرزها على الوجه الأتمّ ، لأنه كتب كثيراً من الحديث معوّلاً على ذاكرته ، ففاته شي ء من ذلكَ .
وقد أخبر عن نفسه ، قال : ربّ حديث سمعته بالبصرة ، فكتبته بالشام وربّ حديث سمعته بالشام كتبته في مصر ۳ .
ويعتمد على هذا من رجّح صحيح مسلم على كتاب البخاري ، وهو رأي كبار النيسابوريين .
وقد عرّض بذلكَ الحافظ أبو علي النيسابوري حيث قال : إنّ مسلماً صنّف كتابه في بلده ، بحضور اُصوله ، في حياة كثير من مشايخه ، فكان يتحرّز في الألفاظ ، ويتحرّى في السياق ، ولا يتصدّى لما تصدّى لهُ البخاري من استنباط الأحكام ليبوّب عليها ، ولزمَ من ذلكَ تقطيعه للحديث في أبوابه ۴ .

1.هدي الساري (۱ / ۱۰) وقد هاجمه ابن حجر بشدة .

2.شرح تراجم البخاري لابن جماعة (ق۱ ب) .

3.هدي الساري (۲ / ۲۰۱) تدريب الراوي (ص۴۴) .

4.هدي الساري (۱ / ۲۳) .

الصفحه من 78