الزهري ، أحاديثه و سيرته - الصفحه 102

غيره . . .» إلى آخره .
فهذا لا يتصوّر منهما؛ لأنّ الدين يمنع منه والمروء ة تحول دونه ، وكيف يتصوّر من أمير المؤمنين علي عليه السّلام على دينه وزهده في الدنيا وورعه وعفافه؟ وكيف يتصوّر من العبّاس على دينه ؟
مع أنّ ذكاء هما وفطنتهما وعلمهما أنّ عاقبة المطالبة هي الانتكاس والخيبة ، لا يتصوّر مع ذلك أن يطالبا في أمر قد فرغ منه ، كما يزعم القوم باحتجاج أبي بكر على فاطمة بالحديث ، وهما يعلمان صدقه .
فهذه نكارة لا تخفى على مفكّر سليم من التقليد .
وهي خاصّة برواية الزهري كما ترى .
فإن قيل : إنّ في رواية أيّوب عن عكرمة بن خالد عن مالك بن أوس ، قد علما أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم قال : «لا نورّث ما تركنا صدقة» وهذا يفيد متابعة للزهري في إثبات علمهما بالحديث .
فالجواب : أنّ حديث الزهري فيه أنّ عمر قرّرهما به فأقرّا ، وليس ذلك في رواية أيّوب عن عكرمة بن خالد ، إنّما فيها : قد علما . . . إلى آخره ، دون ذكر إقرارهما به ، وهي دعوى عليهما لا تسمع مع غضب عمر ، لو صحّت الرواية عنه ، لأنّه قد يكون ظنّ علمهما بها تصديقاً لأبي بكر على فرض أنّ أبا بكر قد رواها ، والواقع بخلافه .
ولأنّه يجرّ إلى نفسه ليبني عليها ردّهما بحجّة معلومة عند خصمه ، وسكوتهما ليس إقراراً ، لأنّهما قد يسكتان لأنّه قد احتجّ بما احتجّ به أبو بكر بزعم القوم ، فلو قالا : «لم نعلمه . . .» لقال لهما : أليس قد سمعه أبو بكر .
فإن قالا : «لا» كانا قد قدحا في صدق أبي بكر ، وكانت هذه حجّة عليهما عند العامّة .
وإن قالا : «قد سمعه» فهما لا يعلمان ذلك بل يعلمان خلافه .

الصفحه من 229