الزهري ، أحاديثه و سيرته - الصفحه 103

فكان السكوت أصوب وأسلم بالنسبة إلى ما يزعم العامّة من أنّ أبابكرٍ قد احتجّ به .
فأمّا إذا لم يصحّ عنه فإنّ الداعي إلى السكوت أنّ الخليفة قد رواه في هذه القصّة لو صحّت فلا يمكن ردّه في وجهه ، وهما لو قالا : «لا نعلمه» لكان ذلك ردّاً له فكان السكوت أسلم على فرض صحّة رواية أيّوب عن عكرمة بن خالد .
فقد ظهر أنّه لا متابعة .
وهذا مع إنّ رواية أيّوب ليس فيها ذكر المناشدة والإقرار بعدها ، فبين الروايتين تباعد : فهذه تذكر الإقرار بعد المناشدة بالله ، وهذه تجعل الحديث أمراً معلوماً لعلي والعبّاس (رضي الله عنهما) لا نزاع فيه بزعم عمر ، فهو في رواية الزهري يحتاج إلى المناشدة وفي رواية أيّوب يخبر بعلمهما ويتّكل عليه ويجعله أمراً مفروغاً منه .
فظهر أنّه لا متابعة بل تعارض .
سابعاً : في رواية الزهري قال أبو بكر : أنا وليّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ، فقال أبو بكر : قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم : «ما نورّث ما تركنا صدقة» فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً .
وهذا لا يتصوّر أن يقوله عمر مع علمه بمحلّ علي عليه السّلام من الصدق والثبات والعلم ، لأنّه حينئذ يكون قد سبّ أبا بكر وسجّل عليه بأنّه كاذب آثم غادر خائن .
أو يكون قد سهّل هذا الاعتقاد وقرّبه بأنّه مذهب الإمام الذي لا ينازعه عمر في علمه ، بل روي عنه أنّه كان يرجع إليه في بعض المعضلات واشتهر أنّه أقضى الصحابة ، ففي علم عمر بذلك ما يمنعه عن ذكره أنّ عليّاً رأى أبا بكر كاذباً . . . إلى آخره .
ثمّ إنّ هذا يناقض ما في الرواية من أنّ عمر ناشد عليّاً والعبّاس : أتعلمان أنّ رسول الله قال : «لا نورّث ما تركناه صدقة» قالا : نعم .

الصفحه من 229