الزهري ، أحاديثه و سيرته - الصفحه 104

فإذا كانا قد علماه ، فكيف رأيا أبا بكر كاذباً حين رواه؟ فهذا تناقض في هذه الرواية ونكارة في رواية الزهري .
وكذلك قوله : فرأيتماني كاذباً . . . إلى آخره .
ثامناً : قوله : فقلتما ادفعها إلينا ، فهنا قد استنوق الجمل ، بسبب اعتقادهم أنّ هذا المال صدقة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم كما ذكره الزهري وسمّاه وكان مذكراً من قوله حتّى بقي هذا المال .
وكذا قوله : إن شئتما دفعتها إليكما على أنّ عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم .
وهنا نكارة مكشوفة ، لأنّه :
إن كان المراد تأخذا نفقة سنة ، ثمّ تجعلا ما بقي اُسوة مال الله ، فهذا يكون إقراراً لهما بالإرث ، وإنّما يوجب عليهما التصدّق بالفاضل من السنة .
وحينئذٍ يكون قد نفى الإرث برواية «لا نورّث ما تركنا صدقة» برفع صدقة ، لأنّه قد جعل المال نصيبهما كما كان نصيب رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يعملان فيه كما كان يعمل .
وإن كان المراد يأخذان لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فالمأخوذ له يكون سبيله سبيل ما ترك إمّا ميراثاً وإمّا صدقة ، وحيث قد قرّر عمر أنّه صدقة يكون الجميع صدقة نفقة السنة والزائد ، ولا يتصوّر من علي والعبّاس أن يعطياه العهد على ذلك . ثمّ يطلبانه لأنفسهما ، لأنّهما لا يعاهدان على تقرير الباطل ، وإذا عاهدا لا يطلبان بما يؤدّي إلى نكث العهد ، ومعنى المطالبة به لأنفسهما المطالبة بتسويغ نكث العهد ، وهذا لا يتصوّر منهما .
فهذه نكارة ظاهرة خاصّة برواية الزهري .
ولا يقال : ليس معنى ذلك أنّهما طلباه لأنفسهما ، إنّما طلبا القسمة بينهما نصفين لينفقاه في سبيل الله .

الصفحه من 229