كلّ ذلك ممّا يسرّ الاُموية الذين كان الزهري يخالطهم ، فهو مظنّة طلب التقرّب إلى ملوكهم واُمرائهم بذلك وأمثاله ، ليرفعوا شأنه ويجعلوه إماماً في الحديث ، بجلب الناس إليه ، ونصبه لهذا الشأن ، وببذل الأموال له ليقضي بها حاجاته ومآربه ، ويبذلها حتّى يستميل بها من يريد ، وحتّى وصف بالسخاء . 
وَهَلْ أفسدَ الناسَ إلّا الملو-كُ وأحبارُ سوء ورهبانُها
 وكذلك هذه الرواية وأشباهها عند الزهري ممّا يحبّبه عند الطلبة العثمانيين الذين يعجبهم تصغير شأن علي وتعظيم من تقدّمه أو عارضه ، فهو بذلك يستميلهم ليتّخذوه إماماً . 
 وكذلك الطلبة البكريون ، فقد صار إمامهم في الحديث! 
 ومثل ما في الرواية من تصغير شأن علي عليه السّلام ما فيها من تعظيم شأن عمر ، فإنّ ذلك يقرّب الراوي عند ملوك الاُموية واُمرائها ، ويحبّبه إلى العثمانية والبكرية ، وذلك من أعظم الفتن على من غلب عليه حبّ الشرف والمال . 
 فالزهري متّهم بهذه الفتنة ، نسأل الله السلامة . 
 وفيها غرض هامّ ـ أيضاً ـ بالنسبة إلى التعصّب المذهبي وهو تقرير صحّة حديث : «لا نورّث ما تركنا صدقة» بإخراجه عن علي والعبّاس وأبي بكر وعمر وعثمان والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص ، كما زاد إخراجه عن عائشة وأبي هريرة ، فصوّر الحديث بصورة المتواتر في عهد الصحابة ، ليصحّح بذلك منع بنت الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم ميراثها من أبيها ، حرصاً على حماية جانب المانع لها ، وتبرئة ساحته من الظلم ومخالفة الشرع في إثبات ميراث البنت من أبيها في شأن فاطمة سيّدة نساء العالمين ، دون نساء العالمين .
الحديث الثاني
أخرج البخاري في صحيحه ۱ عن الزهري أنّه حدّث عروة بالحديث السابق