الزهري ، أحاديثه و سيرته - الصفحه 99

إلى أخذ المال وقسمته ، ولا يتصوّر مع شدّة هيبة عمر أن يتراخى مالك ليبقى متفرّجاً على علي والعبّاس ومستمعاً لما يجري من كلامهما وكلام الحاضرين وكلام عمر حتّى تنتهي القضيّة ليرويها للزهري بتمامها .
وأمّا ثانياً : ففي الرواية حضور عثمان وعبدالرحمن والزبير وسعد ، فلماذا لم يرو القصّة أحد منهم ، ولم تنقل عنهم ، وهم أشهر من مالك بن أوس ، والجمهور أحرص على النقل عنهم ، وهي قضيّة ـ بزعمكم ـ تحقّق حكماً شرعيّاً في هذا المال المتنازع ، وتشتمل على رواية الحديث من سبع طرق ، وفي ذلك إظهار الحقّ وإعلان كلمة الصدق ـ بزعم المخالفين ـ وإظهار براء ة الحكومة ، وبراء ة أبي بكر من الظلم ، وذلك ممّا تتوفّر إليه دواعي الجمهور في ذلك الوقت ، وإلى يومنا هذا .
وأمّا ثالثاً : فلماذا لم يروه مالك بن أوس ، وقد كان مظنّة إشاعته في الناس ، لتبرئة الشيخين عن مخالفة كتاب الله والسنّة المشهورة بين الاُمّة من التوريث .
فكيف لم يروه بهذه الصفة إلّا الزهري؟
وكيف لم يروه بطوله إلّا الزهري؟
مع شدّة توفّر الدواعي إلى نقل مثله؟! ألا ترى أنّه لمّا رواه الزهري رواه عنه عدد من الرواة ، ثمّ روي عنهم من طرق كثيرة لتوفّر دواعيهم إلى نقله؟!
فإن قيل : قد أخرج أحمد بن حنبل في المسند ۱ عن أيّوب ، عن عكرمة بن خالد ، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : جاء العبّاس وعلي عليهما السّلام إلى عمررضي الله عنه فقال : اقض بيني وبين هذا الكذا كذا .
فقال الناس : افصل بينهما ، افصل بينهما ، فقال : لا أفصل بينهما ، قد علما أنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم قال : «لا نورّث ما تركناه صدقة» انتهى .
ومثله في سنن النسائي ۲ : وليس فيه : «الكذا كذا» وهو عن أيّوب ، عن

1.المسند ج۱ ص۴۹ .

2.السنن ج۷ ص۱۳۶ .

الصفحه من 229