الحشويّة نشأة و تأريخاً - الصفحه 18

وقد جرى على ألسنة العلماء وعلى صفحات كتبهم ، بما عرفت .
ومع أنّ كُبراء الحَشْويّة أنفسهم ، يُقرّرون وجود الاسم ، ويُحاولون ضبطه وتفسيره ، كما عرفت .
ومع أنّ قواعدهم تقتضي التسليم ، لوجود أصل لهذا الاسم في الحديث الذي أسنده الطبراني ، ونقله الهيثمي .
فمع ذلك كلّه : نرى المتشدّدين ممّن تنطبق عليهم أوصاف هذا الاسم ، يستنكرون على الآخرين تسميتهم به ، ويعتبرونه نبزاً ولقباً مذموماً .
فهذا شيخ إسلام الحَشْويّة والسَلَفِيّة ، ابن تَيْمِيَّة الحرّاني (ت728) ذكر في هذا الصدد كلماتٍ لا تخلو من التهافت والتناقض :
فتارةً : يستهجن التسمية ، ويُنكر وجود مَن تنطبق عليه .
وتارةً : يُقرُّ بوجودهم ، ويُنكر كونهم معروفين .
وأُخرى : يجعل التسمية من المعتزلة ضدَّ من سمّاهم المؤمنين .
ورابعةً : يُنكر أن يكون للتسمية معنىً صحيحٌ .
وبالتالي ـ لمّا وجد بعض كبارهم يفتخر بهذا الاسم وباسم المجسّمة والمشبّهة ـ : يُنكر عليه بشدّته وحنبليته المعروفة! .
وإليك التفصيل :
1ً ـ قال ابن تَيْمِيَّة :
وتكلّمتُ على لفظ «الحَشْويّة» فقلتُ : هذا اللفظ أوّل مَن ابتدعه المعتزلة ، فإنّهم يسمّون الجماعة والسواد الأعظم : «الحشو» كما تُسمّيهم الرافضة : «الجمهور» .
وحشو الناس هم عموم الناس وجمهورهم ، وهم غير الأعيان المتميّزين ، يقولون : هذا من حشو الناس ، كما يقال : هذا من جمهورهم .
وأوّل من تكلّم بهذا عمرو بن عبيد ، قال : «وكان عبدالله بن عمر حشوياً» .

الصفحه من 64