الحشويّة نشأة و تأريخاً - الصفحه 22

وهنا بلغ ابن تَيْمِيَّة غاية العناد ، حيث أنكر معرفة مَنْ يقول هذه الأقوال :
بين أصحاب المذاهب الأربعة أوّلاً .
وبين أهل الحديث ثانياً .
وبين عموم أهل السنّة ثالثاً .
وهذا مخالف لجميع خُبراء الملل والنحل ، وعلماء العقائد من اعترافهم بوجود القائلين بها بين المسلمين ، وتصريحهم بأقوالهم والردّ عليهم ، كما عرفت مفصّلاً .
ولذلك لم يجد بُدّاً من ذكر ما يدلّ على وجودهم ، لكنّه ذكرهم :
بلفظ : [0] «لو قُدِّرَ أنّ بعضها وُجِدَ في بعضهم» في الفرض الأوّل .
وبلفظ : [0] «وإذا كان في بعض جُهّال العامّة» في الفرض الثالث .
يُريد بذلك تصغير الأمر وتهوينه ، لكنّه منافٍ لانكاره وجودهم ، ونفي معرفة من يقول بأقوالهم .
وأمّا في الفرض الثاني ، فلم يذكر احتمال وجودهم ، فكأنّه يستبعد ذلك عن أهل الحديث ، بينما وجدنا أنّ عنوان «أهل الحديث» يُطلق على الحَشْويّة بعينها ، بحيث جعل أحدهما تفسيراً للآخر ، عند بعض العلماء ، كما سيجي ء .
والغريب في كلامه قوله : «بل كما يوجد مثل ذلك في سائر الطوائف» حيث يدلّ على وجود مثل أقوال هؤلاء ، في الطوائف كلّها ، فكيف يجعل هذا تعقيباً لقوله : «فمن المعلوم أنّ هذه المقالات لا توجد فيهم أصلاً»؟
وكذلك من الغريب قوله : «إذا كان في بعض جُهّال العامّة مَنْ يقول هذا ، أو أكثر من هذا ، . . .»! فيجعل هذا استدراكاً لقوله : «لا يظنّون أنّ أحداً قال هذا»؟
فإذا كان «يوجد مثل ذلك في سائر الطوائف» فلماذا يحاول التشكيك في ذلك بمثل قوله : «لو قدر . . .» و «إذا كان . . .»؟
ولنا أن نسأل الشيخ الحرّاني ، عن المشار إليه بقوله : «هذا» في هذه العبارات؟
بل نسأله عن : «الأكثر من هذا»؟ ما هو؟!

الصفحه من 64