الحشويّة نشأة و تأريخاً - الصفحه 24

ونحن نتكلّم بالأسماء التي لا نزاع فيها مثل لفظ الاثبات والنفي ، فنقول :
من المعلوم أنّ هذا من تلقيب بعض الناس لأهل الحديث الذين يُقرُّونه على ظاهره ، فكلّ مَنْ كان عنه أبعد كان أعظم ذمّاً بذلك ، كالقرامطة ، ثمّ الفلاسفة ، ثمّ المعتزلة .
وهم بذلك يذمّون المتكلّمة الصفاتيّة ، من الكلاّبية ، والكرامية والأشعرية .
ومَن قال بالصفات العقليّة ، مثل العلم والقدرة ، دون الخبرية ونحو ذلك ، سمّى مثبتةَ الصفات الخبريّة «حشويّةً» كما يفعل أبو المعالي الجويني ، وأبو حامد الغزالي ونحوهما .
وهؤلاء . يعيبون منازعيهم :
إمّا لجمعه حشو الحديث من غير تمييزٍ بين صحيحه وضعيفه .
أو لكون اتّباع الحديث في مسائل الاُصول من مذهب الحشو ، لأنّها مسائل علميّة ، والحديث لا يُفيد ذلك ، لأنّ اتّباع النصوص مطلقاً في المباحث الاُصولية الكلامية : حَشْوٌ ، لأنّ النصوص لا تفي بذلك .
فالأمر راجع إلى أحد أمرين : إمّا ريبٌ في الاسناد ، أو في المتن :
إمّا لأنّهم يضيفون إلى الرسول ما لم يُعلم أنّه قاله ، كأخبار الآحاد ، ويجعلون مقتضاها العلم .
وإمّا لأنّهم يجعلون ما فهموه من اللفظ معلوماً ، وليس هو بمعلومٍ ، لما في الأدلّة اللفظية من الاحتمال ۱ .
وهذه العبارة من ابن تَيْمِيَّة تكفي للردّ على كلّ مزاعم الرجل ، التي ادّعاها في عباراته المنقولة سابقاً :
فقد اعترف هنا بوجود الطائفة «الحَشْويّة» ، وبالمعنى المناسب للفظ ، وباتّهام

1.مجموع الفتاوى لابن تَيْمِيَّة (۴/۸۸) .

الصفحه من 64