الحشويّة نشأة و تأريخاً - الصفحه 39

وهذه النصوص تدلّ أنّ «أهل الحديث» ليسوا غير «الحَشْويّة» ۱ .
وقال ابن الجوزي : واعلم أنّ «عموم المحدّثين» حملوا ظاهر ما تعلّق من صفات البارئ ـ سبحانه ـ على مقتضى الحسّ ، فشبّهوا ، لأنّهم لم يخالطوا الفقهاء فيعرفوا حمل المتشابه على مقتضى المحكم ۲ .
بل زاد هؤلاء على أُولئك أن حكموا بصحّة هذه الأحاديث ، وأثبتوها في كتبهم التي سمّوها «الصحاح»!
فجميع مَنْ سُمُّوا «أصحاب الحديث» ومَنْ سُمُّوا «الحَشْويّة» يشتركون في أهمّ ما تميّز به الحَشْويّة من التصرّفات وهي :
الالتزام بظواهر ما في الأحاديث ، ونفي تأويلها .
وتقليد السَلَف في طريقة العقائد ، بالاعتماد على الأخبار المرويّة .
وعدم تحكيم العقل في معانيها . وغيرها من الميّزات التي سنذكرها عن الحَشْويّة .
فمَنْ جمع بين الاسمين «الحَشْويّة» و «أصحاب الحديث» جاعلاً أحدهما بياناً للآخر ، فقد قصد اتّحادهما في هذه التصرّفات ، واشتراكهما في هذه الالتزامات .
ومَنْ عطف أحدهما على الآخر ۳ فقد يكون قد فسّر الاسمين بالعطف التفسيري ، وقد يكون قصد هذا الاشتراك .
كما يشتركون في خلافهم للمسلمين في مسألة القرآن .
وقد نسب السيّد المرتضى ذلك إلى «بعض أصحاب الحديث» فقال : إنّ الخلاف في ذلك مضافٌ إلى قومٍ من أصحاب الحديث نقلوا أخباراً ضعيفةً

1.وللمزيد راجع أضواء على السنّة لمحمود أبي ريّه (ص۳۸۱ ـ ۳۸۵) .

2.كذا الصواب ، وفي المصدر : «الحكم» وهو غلط .لاحظ تلبيس إبليس (۱۱۵) .

3.كالسيّد المرتضى علم الهدى في الذخيرة (ص۳۶۱) وتنزيه الأنبياء (ص۱۵ ـ ۱۶) وسيأتي نقل عبارته في فصل «آراء الحَشْويّة» .

الصفحه من 64