الحشويّة نشأة و تأريخاً - الصفحه 43

السالفين ،ويزعمون أنهم يقلّدونهم في أفكارهم عقيدة وشريعة!
بينما أولئك إما لا رأى لهم في تلك المسائل فهم برء اءُ مما ينسبه إليهم هؤلاء الحشويّة ، أو هم قاصرون عن إدراكها ، أو لا حجيّة لالتزاماتهم وأقوالهم .
ولكن اغترّ بعض بهذه التسمية الرنّانة ، لما في النفوس من التقديس للسلف الصالح .
قال السُبكي : الحَشْويّة طائفةٌ ضلّوا عن سواء السبيل .
وقيل : المراد بالحشويّة : طائفة لا يرون البحث عن آيات الصفات التي يتعذّر إجراؤها على ظاهرها ، بل يؤمنون بما أراد الله ، مع جزمهم بأنّ الظاهر غير مراد ، ويفوّضون التأويل إلى الله .
قال السبكي : وعلى هذا إطلاق «الحَشْويّة» عليهم غير مستحسن ، لأنّه مذهب السَلَف ۱ .
أقول : في كلامه مواقع للنقض :
فقوله : «مع جزمهم بأنّ الظاهر غير مراد» :
هذا منافٍ لما ثبت عن «الحَشْويّة» من حمل الأخبار على الظواهر ، فلهذا سمّوا :

10 ـ «الظاهرية» أيضاً .

ولو كان ذلك مذهب السَلَف ـ كما زعم ـ لما نَسَبَ الحَشْويّة أنفسهم «سلفيّة» كما هو الرائج عندهم اليوم ـ في عصرنا ـ .
وقوله : «يفوّضون التأويل إلى الله» :
هو إثبات للتأويل ، مع أنّ المعروف عن السَلَف ـ في زعمهم ـ هو «نفي التأويل» وردّه ، والالتزام بالمعنى الظاهر ، وأنّه المراد ، إلّا أنّهم يمنعون عن السؤال عنه بـ «كَيْفَ؟» وهو مذهب «البلكفة»؟

1.شرح اُصول ابن الحاجب ، للسبكي () .

الصفحه من 64