الحشويّة نشأة و تأريخاً - الصفحه 54

جاهلٌ به تعالى لا يُقْتدى به ولا يُلتفتُ إليه ولا مُتّبِعٌ لامامه الذي ينتسبُ إليه ۱ .
وهذا أبو يعلى القاضي هو من كُبراء الحنابلة ، وصنّف لهم (طبقات الحنابلة) وهو ممّن عدّهم ابن تَيْمِيَّة من (الحنبلية المحضة)!
وهذا كلامه في التوحيد ومذهبه!
وسيجى ء عن السبكي في تعريفه للخطّابية من الحَشْويّة قال : يعْتَزُون إلى الامام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وهو منهم بري ءٌ ، ولكنّه ابتُلي بالمجسّمة ۲ .
وقال العلّامة الكوثري : وبعض الحنابلة على مسلك السَلَف في التفويض ، و بعضهم انحاز إلى المعتزلة ، وكان غالبُهم ـ على تعاقُب القُرُون ـ حشويةً على الطريقة السالميّة والكراميّة ، إلى أن جعل الظاهر بيبرس قضاء القُضاة في المذاهب الأربعة لأوّل مرّة ، فأخذت تزول أمراضُهم البِدْعيّة ، وكادَ أن لا يبقى بينهم حشويّ لولا جالية (حرّان) بعد نكبة بغداد ، حطَّوا رحلَهم بالشام ، ونَبَغَ من بينهم رجلٌ . . . فإذا هو يجري على خُطّةٍ مدبّرةٍ في إحلال المذهب الحشوي تحت ستار مذهب السَلَف ، محلّ مذهب أهل السنّة ۳ .
وأمّا وجه انتسابهم إلى ابن حنبل : فهذا ينشأُ من منهجهم في الالتزام بالأحاديث وما فيها من الحشو ، وحيث لم يكن في أئمّة المذاهب الأربعة مثل أحمد ابن حنبل مَنْ أكْثَرَ من رواية الأحاديث ، وجمعها ، بل هو أكثر جميع علماء العامّة المؤلّفين من حيث عدد الأحاديث التي رواها وصنّفها ، كميّاً ، فكان أقرب الأئمّة إلى مبتغى الحَشْويّة وأغراضها .
وقد نسبوا إلى أحمد نفسه أقوالاً يُضاهِئون بها أقوالهم وآراء هم .
ولا يعني هذا موافقة أحمد لهم في فعلهم وقولهم ، فإنّ في المنقولات عن أحمد ما

1.نقله عنه السبكي في السيف الصقيل (ص۱۳۰) .

2.قاعدة في الجرح (ص۴۹ ـ ۵۰) .

3.مقدّمة تبيين كذب المفتري (ص۱۷) .

الصفحه من 64