الحشويّة نشأة و تأريخاً - الصفحه 58

ومذهب السَلَف إنّما هو التوحيد والتنزيه ، دون التجسيم والتشبيه ، والمبتدعة تزعم أنّها على مذهب السَلَف .

وكلٌّ يدّعي وَصْلاً بِليْلى-وليْلى لا تُقرُّ لَهُمْ بِذاكا۱.
وقد تصدّى ابن تَيْمِيَّة لكلام السبكي هذا ، بالذات ، فقال : وأمّا قول من قال إنّ الحَشْويّة على ضربين . .
فهذا الكلام فيه حقٌّ وباطل :
فمن الحقّ الذي فيه : ذمُّ من يمثّل الله بمخلوقاته ويجعل صفاته من جنس صفاتهم .
وفيه من الحقّ : الاشارة إلى الردّ على مَنْ انتحل مذهب السَلَف مع الجهل بمقالهم ، أو المخالفة لهم بزيادة أو نقصان .
فتمثيل الله بخلقه ، والكذب على السَلَف : من الاُمور المنكرة ، سواء سُمّي ذلك (حشواً) أو لم يُسَمّ؟!
وهذا يتناول كثيراً من غالية المُثبتة الذين يروون أحاديث موضوعةً في الصفات ، مثل : عرق الخيل ، ونزوله عشيّة عرفة على الجمل الأورق حتّى يصافح المُشاة ويعانق الرُكبان ، وتجلّيه لنبيّه صلّى الله عليه و آله و سلّم في الأرض ، أو رؤيته له على كرسيٍّ بين السماء والأرض ، أو رؤيته إيّاه في الطواف ، أو في بعض سكك المدينة ، إلى غير ذلك من الأحاديث الموضوعة .
فقد رأيتُ من ذلك أُموراً من أعظم المنكرات والكفران ، وأحضر لي غير واحد من الناس من الأجزاء والكتب ما فيه من ذلك ما هو من الافتراء على الله وعلى رسوله .
وقد وُضِعَ لتلك الأحاديث أسانيد .

1.طبقات الشافعية الكبرى (۹/۳۶ ـ ۳۹) .

الصفحه من 64