الحشويّة نشأة و تأريخاً - الصفحه 62

مذهب عامّة السَلَف ، ومذهب أئمّة الدين ، بل أئمّة المتكلّمين يُثبتون الصفات الخبرية في الجملة ، وإن كان لهم فيها طرق ، كأبي سعيد بن كلّاب ، وأبي الحسن الأشعري ، وأئمّة أصحابه .
فما من هؤلاء إلّا مَنْ يُثبت من الصفات الخبرية ما شاء الله تعالى .
وعماد المذهب عندهم إثبات كلّ صفةٍ في القرآن ، وأمّا الصفات التي في الحديث فمنهم مَنْ يثبتها ، ومنهم من لا يثبتها .
فأي ذمٍّ لقومٍ في أنّهم لا يتحاشون ممّا عليه سلف الاُمّة وأئمّتها وأئمّة الذامّ لهم .
وإن لم تُدخل في اسم الحَشْويّة مَنْ يُثبت الصفات الخبرية ، لم ينفعك هذا الكلام ۱ .
وهنا بلغ ابن تَيْمِيَّة القمّة في التصريح بما عنده من الحشو ، لكنّه يُحاول أن يجرّ معه مجموعةً من الأئمّة ، مدّعياً عليهم أنّهم ممّن يُثبتون الصفات التي يسمّونها «الخبرية» مُوهماً أنّ رأيهم موجودٌ في القرآن ، وأنّهم اعتمدوا ذلك في اتّخاذه مذهباً .
ثمّ ينقضُّ على السُبكي : لماذا يذمّهم وهم أئمّة!
لكنّ ابن تَيْمِيَّة يعلمُ جيّداً أنّ السُبكيّ يعتقدُ أنّه ليس في الأئمّة من هؤلاء ومن غيرهم مَنْ يتوهّم أو يتصوّر أنّ الصفةَ تصبحُ عَيْناً وجِسْماً ، فضلاً عن أنْ ينسبها إلى ذات الباري تعالى شأنه ، بأي طريق كان ، لأنّ ذلك هو التجسيم والتشبيه ، ومن يقول ذلك فهو من الحَشْويّة ، وإن سمّيته ووصفته بالامامة .
واتّصاف هؤلاء الرجال بالامامة عندك ليس مانعاً أن نستنكرَ عليهم لو التزموا الباطل ، فإنّ الباطل لا ينقلب حقّاً بالتزام الرجال .
وقديماً قيل : «لا يُعرف الحقّ بالرجال ، وإنّما يعرف الرجالُ بالحقّ ، فاعرف

1.كتب ابن تَيْمِيَّة في العقيدة (۳/۱۹۷) .

الصفحه من 64