عيون الحكم و المواعظ؛ للواسطي - الصفحه 287

كتاب (الغرر) إليه، ومقارنة ذلك بما صنعه صاحب (ناسخ التواريخ) بالتظاهر بنسبة (العيون) الى نفسه.
وهذا قياس مع الفارق، لأن صاحب (العيون) قد أخذ كتابه من عدة مصادر ذكرها في المقدمة، وكان كتاب (الغرر) واحداً منها، وقد مرّ كلامه بهذا الخصوص في أثناء مقدمته.
ومنه يتبين أنّ موقف صاحب (العيون) لا يقاس بموقف صاحب (الناسخ) الذي أدرج الكتاب دون أن يذكر عنوانه ولا اسم مؤلفه ولا مقدمته، فالذي صنعه صاحب (الناسخ) هو انتحال وتلاعب وتزوير، أما الذي صنعه صاحب (العيون) فهو عين العلم ومقتضى الأمانة والانصاف.
ثم إن مؤلف (العيون) قد اتبع منهجاً مغايراً لمنهج الآمدي في (الغرر)، فقد وزّع صاحب (العيون) الحكم والكلمات المنسوبة إلى أمير المومنين عليه السّلام على ثلاثين باباً، وقسّم بعض الأبواب إلى عدة فصول، وجعل (29) باباً منها مرتبة على حروف المعجم، وأفرد الباب الثلاثين لبعض المختصرات والمختارات في مواضيع شتّى كما ذكر في مقدمته، فيكون قد جعل الأبواب على عدد الحروف الهجائية، وما تفرّع منها فصولاً، بينما جعل الآمدي في (الغرر) كلاً من الحروف وما تفرع منها على الفصول، فكانت (91) فصلاً.
ثم إن ترتيب الفصول يختلف بين الكتابين، وكذلك عدد الحكم في كل فصل، وفي المجموع الكلي يحتوي كتاب الغرر على (10964) حكمة، بينما ذكر مؤلف (العيون) أن كتابه يتضمن (13628) حكمة، ولولا سقوط الباب الثلاثين من جميع نسخه، لكان يستوفي هذا العدد.
وواضح أنّ منهج (العيون) أسلم وأدق وأكثر استيعاباً لحكم أمير المؤمنين عليه السّلام ومواعظه، وقد أراد مؤلفه أن يجعله مصدراً جامعاً لمواعظ وحكم وكلمات أمير المؤمنين عليه السّلام ، فكان كذلك لا يجارى في بابه.

الصفحه من 307